قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وولداهما. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية بمكة، وكان المشركون يودون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأنزل الله قل لهم يا محمد (لا أسألكم عليه) يعني على ما أدعوكم إليه (أجرا) عرضا من الدنيا (إلا المودة في القربى) إلا الحفظ لي في قرابتي فيكم، فلما هاجر إلى المدينة أحب أن يلحقه بإخوانه من الأنبياء فقال " قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله " يعني ثوابه وكرامته في الآخرة كما قال نوح " وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلى علي رب العالمين " وكما قال هود وصالح وشعيب لم يستثنوا أجرا كما استثنى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرده عليهم، وهي منسوخة. وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه من طريق مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الآية: قل لا أسألكم على ما أتيتكم به من البينات والهدى أجرا إلا أن تودوا الله وأن تتقربوا إليه بطاعته. هذا حاصل ما روي عن حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه في تفسير هذه الآية. والمعنى الأول هو الذي صح عنه، ورواه عنه الجمع الجم من تلامذته فمن بعدهم، ولا ينافيه ما روي عنه من النسخ، فلا مانع من أن يكون قد نزل القرآن في مكة بأن يوده كفار قريش لما بينه وبينهم من القربى ويحفظوه بها، ثم ينسخ ذلك ويذهب هذا الاستثناء من أصله كما يدل عليه ما ذكرنا مما يدل على أنه لم يسأل على التبليغ أجرا على الإطلاق، ولا يقوى ما روى من حملها على آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم على معارضة ما صح عن ابن عباس من تلك الطرق الكثيرة، وقد أغنى الله آل محمد عن هذا بما لهم من الفضائل الجليلة والمزايا الجميلة، وقد بينا بعض ذلك عند تفسيرنا لقوله " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت " وكما لا يقوى هذا على المعارضة، فكذلك لا يقوى ما روي عنه أن المراد بالمودة في القربى أن يودوا الله وأن يتقربوا إليه بطاعته، ولكنه يشد من عضد هذا أنه تفسير مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإسناده عند أحمد في المسند هكذا: حدثنا حسن بن موسى حدثنا قزعة بن سويد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكره. ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مسلم بن إبراهيم عن قزعة به.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب. قال السيوطي بسند صحيح عن أبي هانئ الخولاني قال: سمعت عمر بن حريث وغيره يقولون: إنما نزلت هذه الآية في أصحاب الصفة (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض وذلك أنهم قالوا لو أن لنا فتمنوا الدنيا). وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن علي مثله.