علم الله أني منهم، فأنزل الله (إلا الذين آمنوا) إلى قوله (ينقلبون) وروى نحو هذا من طرق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس (يتبعهم الغاوون) قال: هم الكفار يتبعون ضلال الجن والإنس (في كل واد يهيمون) قال: في كل لغو يخوضون (وأنهم يقولون مالا يفعلون) أكثر قولهم يكذبون، ثم استثنى منهم فقال (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا) قال:
ردوا على الكفار كانوا يهجون المؤمنين. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عنه أيضا (والشعراء) قال: المشركون منهم الذين كانوا يهجون النبي صلى الله عليه وآله وسلم (يتبعهم الغاوون) قال: قال غواة الجن في كل واد يهيمون في كل فن من الكلام يأخذون. ثم استثنى فقال (إلا الذين آمنوا) الآية. يعنى حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك كانوا يذبون عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه بهجاء المشركين. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عنه (الغاوون) قال: هم الرواة. وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عنه أيضا (إلا الذين آمنوا) الآية قال: أبو بكر وعمر وعلي وعبد الله بن رواحة. وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى وابن مردويه عن كعب بن مالك " أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله قد أنزل في الشعراء ما أنزل فكيف ترى فيه؟ فقال: إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل ". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي سعيد قال " بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ عرض شاعر ينشد، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا ". وأخرج الديلمي عن ابن مسعود مرفوعا الشعراء الذين يموتون في الإسلام يأمرهم الله أن يقولوا شعرا يتغنى به الحور العين لأزواجهن في الجنة، والذين ماتوا في الشرك يدعون بالويل والثبور في النار. وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إن من الشعر لحكمة " قال: وأتاه قريظة بن كعب وعبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت فقالوا: إنا نقول الشعر وقد نزلت هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اقرأوا فقرأوا (والشعراء) إلى قوله (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فقال: أنتم هم (وذكروا الله كثيرا) فقال: أنتم هم (وانتصروا من بعد ما ظلموا) فقال:
أنتم هم. وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحسان ابن ثابت: اهج المشركين فإن جبريل معك. وأخرج ابن سعد عن البراء بن عازب قال: قيل يا رسول الله إن أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يهجوك، فقام بن رواحة فقال: يا رسول الله ائذن لي فيه، فقال: أنت الذي تقول ثبت الله؟ فقال: نعم يا رسول الله، قلت:
ثبت الله ما أعطاك من حسن * تثبيت موسى ونصرا مثل ما نصرا قال: وأنت، ففعل الله بك مثل ذلك، ثم وثب كعب فقال: يا رسول الله ائذن لي فيه؟ فقال: أنت الذي تقول همت؟ قال: نعم يا رسول الله، قلت:
همت سخينة أن تغالب ربها * فلتغلبن مغالب الغلاب فقال: أما إن الله لم ينسى ذلك لك، ثم قام حسان فقال: يا رسول الله ائذن لي فيه، وأخرج لسانا له أسود، فقال: يا رسول الله لو شئت لفريت به المراد، ائذن لي فيه، فقال: اذهب إلى أبي بكر فليحدثك حديث القوم وأيامهم وأحسابهم واهجهم وجبريل معك. وأخرج أحمد وابن سعد عن أبي هريرة قال: مر عمر بحسان وهو ينشد في المسجد فلحظ إليه فنظر إليه، فقال: قد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك، فسكت ثم التفت