عن أبيك واعتمر وهذه قصة أخرى ومن وحد بينهما وبين حديث الخثعمي فقد أبعد وتكلف (قوله شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة) قال الطيبى شيخا حال ولا يثبت صفة له ويحتمل ان يكون حالا أيضا ويكون من الأحوال المتداخلة والمعنى أنه وجب عليه الحج بأن أسلم وهو بهذه الصفة وقوله لا يثبت وقع في رواية عبد العزيز وشعيب لا يستطيع ان يستوى وفى رواية ابن عيينة لا يستمسك على الرحل وفى رواية يحيى بن أبي إسحاق من الزيادة وان شددته خشيت أن يموت وكذا في مرسل الحسن وحديث أبي هريرة عند ابن خزيمة بلفظ وان شددته بالحبل على الراحلة خشيت ان أقتله وهذا يفهم منه ان من قدر على غير هذين الامرين من الثبوت على الراحلة أو الأمن عليه من الأذى لو ربط لم يرخص له في الحج عنه كمن يقدر على محمل موطأ كالمحفة (قوله أفأحج عنه) أي أيجوز لي أن أنوب عنه فأحج عنه لان ما بعد الفاء الداخلة عليها الهمزة معطوف على مقدر وفى رواية عبد العزيز وشعيب فهل يقضى عنه وفى حديث على هل يجزئ عنه (قوله قال نعم) في حديث أبي هريرة فقال احجج عن أبيك وفى هذا الحديث من الفوائد جواز الحج عن الغير واستدل الكوفيون بعمومه على جواز صحة حج من لم يحج نيابة عن غيره وخالفهم الجمهور فحصوه بمن حج عن نفسه واستدلوا بما في السنن وصحيح ابن خزيمة وغيره من حديث ابن عباس أيضا ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يلبى عن شبرمة فقال أحججت عن نفسك فقال لا قال هذه عن نفسك ثم احجج عن شبرمة واستدل به على أن الاستطاعة تكون بالغير كما تكون بالنفس وعكس بعض المالكية فقال من لم يستطع بنفسه لم يلاقه الوجوب وأجابوا عن حديث الباب بأن ذلك وقع من السائل على جهة التبرع وليس في شئ من طرقه تصريح بالوجوب وبأنها عبادة بدنية فلا تصح النيابة فيها كالصلاة وقد نقل الطبري وغيره الاجماع على أن النيابة لا تدخل في الصلاة قالوا ولان العبادات فرضت على جهة الابتلاء وهو لا يوجد في العبادات البدنية الا باتعاب البدن فبه يظهر الانقياد أو النفور بخلاف الزكاة فان الابتلاء فيها بنقص المال وهو حاصل بالنفس وبالغير وأجيب بان قياس الحج على الصلاة لا يصح لان عبادة الحج مالية بدنية معا فلا يترجح الحاقها بالصلاة على الحاقها بالزكاة ولهذا قال المازري من غلب حكم البدن في الحج ألحقه بالصلاة ومن غلب حكم المال ألحقه بالصدقة وقد أجاز المالكية الحج عن الغير إذا أوصى به ولم يجيزوا ذلك في الصلاة وبان حصر الابتلاء في المباشرة ممنوع لأنه يوجد في الآمر من بذله المال في الأجرة وقال عياض لا حجة للمخالف في حديث الباب لان قوله إن فريضة الله على عباده الخ معناه ان الزام الله عباده بالحج الذي وقع بشرط الاستطاعة صادف أبى بصفة من لا يستطيع فهل أحج عنه أي هل يجوز لي ذلك أو هل فيه أجر ومنفعة فقال نعم وتعقب بان في بعض طرقه التصريح بالسؤال عن الاجزاء فيتم الاستدلال وتقدم في بعض طرق مسلم ان أبى عليه فريضة الله في الحج ولأحمد في رواية والحج مكتوب عليه وادعى بعضهم ان هذه القصة مختصة بالخثعمية كما اختص سالم مولى أبى حذيفة بجواز ارضاع الكبير حكاه ابن عبد البر وتعقب بأن الأصل عدم الخصوصية واحتج بعضهم لذلك بما رواه عبد الملك بن حبيب صاحب الواضحة باسنادين مرسلين فزاد في الحديث حج عنه وليس لأحد بعده ولا حجة فيه لضعف الاسنادين مع ارسالهما وقد عارضه قوله في حديث
(٥٩)