واحتج الشافعي بان معنى قول الرجل أحلته وابرأني حولت حقه عنى وأثبته على غيري وذكر أن محمد بن الحسن احتج لقوله بحديث عثمان أنه قال في الحوالة أو الكفالة يرجع صاحبها لا توى أي لا هلاك على مسلم قال فسألته عن اسناده فذكره عن رجل مجهول عن آخر معروف لكنه منقطع بينه وبين عثمان فبطل الاحتجاج به من أوجه قال البيهقي أشار الشافعي بذلك إلى ما رواه شعبة عن خليد بن جعفر عن معاوية بن قرة عن عثمان فالمجهول خليد والانقطاع بين معاوية بن قرة وعثمان وليس الحديث مع ذلك مرفوعا وقد شك راويه هل هو في الحوالة أو الكفالة (قول وقال ابن عباس يتخارج الشريكان الخ) وصله ابن أبي شيبة بمعناه قال ابن التين محله ما إذا وقع ذلك بالتراضي مع استواء الدين وقوله توى بفتح المثناة وكسر الواو أي هلك والمراد أن يفلس من عليه الدين أو يموت أو يجحد فيحلف حيث لا بينة ففي كل ذلك لا رجوع لمن رضى بالدين قال ابن المنير ووجهه أن من رضى بذلك فهلك فهو في ضمانه كما لو اشترى عينا فتلفت في يده وألحق البخاري الحوالة بذلك وقال أبو عبيد إذا كان بين ورثة أو شركاء مال وهو في يد بعضهم دون بعض فلا بأس أن يتبايعوه بينهم (قوله عن الأعرج عن أبي هريرة) قد رواه همام عن أبي هريرة ورواه ابن عمر وجابر مع أبي هريرة (قوله مطل الغنى ظلم) في رواية ابن عيينة عن أبي الزناد عند النسائي وابن ماجة المطل ظلم الغنى والمعنى أنه من الظلم وأطلق ذلك للمبالغة في التنفير عن المطل وقد رواه الحوزقي من طريق همام عن أبي هريرة بلفظ ان من الظلم مطل الغنى وهو يفسر الذي قبله وأصل المطل المد قال ابن فارس مطلت الحديدة أمطلها مطلا إذا مددتها لتطول وقال الأزهري المطل المدافعة والمراد هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر والغنى مختلف في تفريعه ولكن المراد به هنا من قدر على الأداء فأخره ولو كان فقيرا كما سيأتي البحث فيه وهل يتصف بالمطل من ليس القدر الذي استحق عليه حاضرا عنده لكنه قادر على تحصيله بالتكسب مثلا أطلق أكثر الشافعية عدم الوجوب وصرح بعضهم بالوجوب مطلقا وفصل آخرون بين أن يكون أصل الدين وجب بسبب يعصى به فيجب والا فلا وقوله مطل الغنى هو من إضافة المصدر للفاعل عند الجمهور والمعنى أنه يحرم على الغنى القادر أن يمطل بالدين بعد استحقاقه بخلاف العاجز وقيل هو من إضافة المصدر للمفعول والمعنى انه يجب وفاء الدين ولو كان مستحقه غنيا ولا يكون غناه سببا لتأخير حقه عنه وإذا كان كذلك في حق الغنى فهو في حق الفقير أولى ولا يخفى بعد هذا التأويل (قوله فإذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع) المشهور في الرواية واللغة كما قال النووي اسكان المثناة في أتبع وفى فليتبع وهو على البناء للمجهول مثل إذا أعلم فليعلم تقول تبعت الرجل بحقي أتبعه تباعة بالفتح إذا طلبته وقال القرطبي أما أتبع فبضم الهمزة وسكون التاء مبنيا لما لم يسم فاعله عند الجميع وأما فليتبع فالأكثر على التخفيف وقيده بعضهم بالتشديد والأول أجود انتهى وما ادعاه من الاتفاق على اتبع يرده قول الخطابي ان أكثر المحدثين يقولونه بتشديد التاء والصواب التخفيف ومعنى قوله اتبع فليتبع أي أحيل فليحتل وقد رواه بهذا اللفظ أحمد عن وكيع عن سفيان الثوري عن أبي الزناد وأخرج البيهقي مثله من طريق يعلى بن منصور عن أبي الزناد عن أبيه وأشار إلى تفرد يعلى بذلك ولم يتفرد به كما تراه ورواه ابن ماجة من حديث ابن عمر بلفظ فإذا أحلت على ملئ فاتبعه وهذا بتشديد التاء بلا خلاف والملئ بالهمز مأخوذ من الملاء يقال
(٣٨١)