أشار إلى ذلك ابن درستويه وسيأتى تحقيق ذلك في كتاب الطب إن شاء الله تعالى قوله وقال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله) هذا طرف من حديث وصله المؤلف رحمه الله في الطب واستدل به للجمهور في جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وخالف الحنفية فمنعوه في التعليم وأجازوه في الرقي كالدواء قالوا لان تعليم القرآن عبادة والاجر فيه على الله وهو القياس في الرقي الا أنهم أجازوه فيها لهذا الخبر وحمل بعضهم الاجر في هذا الحديث على الثواب وسياق القصة التي في الحديث يأبى هذا التأويل وادعى بعضهم نسخه بالأحاديث الواردة في الوعيد على أخذ الأجرة على تعليم القرآن وقد رواها أبو داود وغيره وتعقب بأنه اثبات للنسخ بالاحتمال وهو مردود وبأن الأحاديث ليس فيها تصريح بالمنع على الاطلاق بل هي وقائع أحوال محتملة للتأويل لتوافق الأحاديث الصحيحة كحديثي الباب وبأن الأحاديث المذكورة أيضا ليس فيها ما تقوم به الحجة فلا تعارض الأحاديث الصحيحة وسيكون لنا عودة إلى البحث في ذلك في كتاب النكاح في باب التزويج على تعليم القرآن (قوله وقال الشعبي لا يشترط المعلم الا ان يعطى شيئا فليقبله وقال الحكم لم أسمع أحدا كره أجر المعلم وأعطى الحسن دراهم عشرة) أما قول الشعبي فوصله ابن أبي شيبة بلفظ وان أعطى شيئا فليقبله وأما قول الحكم فوصله البغوي في الجعديات حدثنا علي بن الجعد عن شعبة سألت معاوية بن قرة عن أجر المعلم فقال أرى له أجرا وسألت الحكم فقال ما سمعت فقيها يكرهه وأما قول الحسن فوصله ابن سعد في الطبقات من طريق يحيى بن سعيد بن أبي الحسن قال لما حذقت قلت لعمى يا عماه ان المعلم يريد شيئا قال ما كانوا يأخذون شيئا ثم قال أعطه خمسة دراهم فلم أزل به حتى قال أعطه عشرة دراهم وروى ابن أبي شيبة من طريق أخرى عن الحسن قال لا بأس ان يأخذ على الكتابة أجرا وكره الشرط (قوله ولم ير ابن سيرين بأجر القسام بأسا وقال كان يقال السحت الرشوة في الحكم) أما قوله في أجرة القسام فاختلفت الروايات عنه فروى عبد بن حميد في تفسيره من طريق يحيى بن عتيق عن محمد وهو ابن سيرين انه كان يكره أجور القسام ويقول كان يقال السحت الرشوة على الحكم وأرى هذا حكما يؤخذ عليه الأجرة وروى ابن أبي شيبة من طريق قتادة قال قلت لابن المسيب ما ترى في كسب القسام فكرهه وكان الحسن يكره كسبه وقال ابن سيرين ان لم يكن حسنا فلا أدرى ما هو وجاءت عنه رواية يجمع بها بين هذا الاختلاف قال ابن سعد حدثنا عارم حدثنا حماد عن يحيى عن محمد هو ابن سيرين انه كان يكره ان يشارط القسام وكأنه يكره له أخذ الأجرة على سبيل المشارطة ولا يكرهها إذا كانت بغير اشتراط كما تقدم عن الشعبي وظهر بما أخرجه ابن أبي شيبة ان قول البخاري وكان يقال السحت الرشوة بقية كلام ابن سيرين وأشار ابن سيرين بذلك إلى ما جاء عن عمر وعلى وابن مسعود وزيد بن ثابت من قولهم في تفسير السحت انه الرشوة في الحكم أخرجه ابن جرير بأسانيده عنهم ورواه من وجه آخر مرفوعا ورجاله ثقات ولكنه مرسل ولفظه كل لحم انبته السحت فالنار أولى به قيل يا رسول الله وما السحت قال الرشوة في الحكم * (تنبيه) * القسام بفتح القاف فعال من القسم بفتح القاف وهو القاسم وشرحه الكرماني على أنه بضم القاف جمع قاسم والسحت بضم السين وسكون الحاء المهملتين وحكى ضم الحاء وهو شاذ وضبطه بعضهم بما يلزم من أكله العار فهو أعم من الحرام والرشوة بفتح الراء وقد تكسر
(٣٧٢)