أبى جعفر الباقر قال هي بيداء المدينة انتهى والبيداء مكان معروف بين مكة والمدينة تقدم شرحه في كتاب الحج (قوله يخسف بأولهم وآخرهم) زاد الترمذي في حديث صفية ولم ينج أوسطهم وزاد مسلم في حديث حفصة فلا يبقى الا الشريد الذي يخبر عنهم واستغنى بهذا عن تكلف الجواب عن حكم الأوسط وأن العرف يقضى بدخوله فيمن هلك أو لكونه آخر بالنسبة للأول وأولا بالنسبة للآخر فيدخل (قوله وفيهم أسواقهم) كذا عند البخاري بالمهملة والقاف جمع سوق وعليه ترجم والمعنى أهل أسواقهم أو السوقة منهم وقوله ومن ليس منهم أي من رافقهم ولم يقصد موافقتهم ولابى نعيم من طريق سعيد بن سليمان عن إسماعيل بن زكريا وفيهم أشرافهم بالمعجمة والراء والفاء وفى رواية محمد بن بكار عند الإسماعيلي وفيهم سواهم وقال وقع في رواية البخاري أسواقهم فأظنه تصحيفا فان الكلام في الخسف بالناس لا بالأسواق (قلت) بل لفظ سواهم تصحيف فإنه بمعنى قوله ومن ليس منهم فيلزم منه التكرار بخلاف رواية البخاري نعم أقرب الروايات إلى الصواب رواية أبى نعيم وليس في لفظ أسواقهم ما يمنع أن يكون الخسف بالناس فالمراد بالأسواق أهلها أي يخسف بالمقاتلة منهم ومن ليس من أهل القتال كالباعة وفى رواية مسلم فقلنا إن الطريق يجمع الناس قال نعم فيهم المستبصر أي المستبين لذلك القاصد للمقاتلة والمجبور بالجيم والموحدة أي المكره وابن السبيل أي سالك الطريق معهم وليس منهم والغرض كله أنها استشكلت وقوع العذاب على من لا إرادة له في القتال الذي هو سبب العقوبة فوقع الجواب بان العذاب يقع عاما لحضور آجالهم ويبعثون بعد ذلك على نياتهم وفى رواية مسلم يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى وفى حديث أم سلمة عند مسلم فقلت يا رسول الله فكيف بمن كان كارها قال يخسف به ولكن يبعث يوم القيامة على نيته أي يخسف بالجميع لشؤم الأشرار ثم يعامل كل أحد عند الحساب بحسب قصده قال المهلب في هذا الحديث ان من كثر سواد قوم في المعصية مختارا أن العقوبة تلزمه معهم قال واستنبط منه مالك عقوبة من يجالس شربة الخمر وان لم يشرب وتعقبه ابن المنير بان العقوبة التي في الحديث هي الهجمة السماوية فلا يقاس عليها العقوبات الشرعية ويؤيده آخر الحديث حيث قال ويبعثون على نياتهم وفى هذا الحديث أن الأعمال تعتبر بنية العامل والتحذير من مصاحبة أهل الظلم مجالستهم وتكثير سوادهم الا لمن اضطر إلى ذلك ويتردد النظر في مصاحبة التاجر لأهل الفتنة هل هي اعانة لهم على ظلمهم أو هي من ضرورة البشرية ثم يعتبر عمل كل أحد بنيته وعلى الثاني يدل ظاهر الحديث وقال ابن التين يحتمل أن يكون هذا الجيش الذي يخسف بهم هم الذين يهدمون الكعبة فينتقم منهم فيخسف بهم وتعقب بأن في بعض طرقه عند مسلم أن ناسا من أمتي والذين يهدمونها من كفار الحبشة وأيضا فمقتضى كلامه أنهم يخسف بهم بعد أن يهدموها ويرجعوا وظاهر الخبر انه يخسف بهم قبل أن يصلوا إليها * الحديث الثاني حديث أبي هريرة وقد تقدم مستوفى في أبواب الجماعة والغرض منه ذكر السوق وجواز الصلاة فيه وقوله لا ينهزه بضم أوله وسكون النون وكسر الهاء بعدها زاي ينهضه وزنا ومعنى والمراد لا يزعجه والجملة بيان للجملة التي قبلها وهى لا يريد الا الصلاة وقوله اللهم صل عليه بيان لقوله يصلى عليه أي يقول اللهم صل عليه وقوله ما لم يؤذ فيه أي يحصل منه أذى للملائكة أو لمسلم بالفعل أو بالقول * الحديث
(٢٨٥)