شيخ واحد (قوله ما لم يتفرقا) في رواية همام الماضية قبل باب ما لم يفترقا وفى رواية سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر وعن عطاء عن ابن عباس مرفوعا ما لم يفارقه صاحبه فان فارقه فلا خيار له وقد اختلف القائلون بان المراد ان يتفرقا بالأبدان هل للتفرق المذكور حد ينتهى إليه والمشهور الراجح من مذهب العلماء في ذلك أنه موكول إلى العرف فكل ما عد في العرف تفرقا حكم به ومالا فلا والله أعلم (قوله فان صدقا وبينا) أي صدق البائع في اخبار المشترى مثلا وبين العيب إن كان في السلعة وصدق المشترى في قدر الثمن مثلا وبين العيب إن كان في الثمن ويحتمل أن يكون الصدق والبيان بمعنى واحد وذكر أحدهما تأكيد للآخر (قوله محقت بركة بيعهما) يحتمل أن يكون على ظاهره وأن شؤم التدليس والكذب وقع في ذلك العقد فمحق بركته وإن كان الصادق مأجورا والكاذب مأزورا ويحتمل أن يكون ذلك مختصا بمن وقع منه التدليس والعيب دون الآخر ورجحه ابن أبي جمرة وفى الحديث فضل الصدق والحث عليه وذم الكذب والحث على منعه وانه سبب لذهاب البركة وان عمل الآخرة يحصل خيري الدنيا والآخرة (قوله الا بيع الخيار) أي فلا يحتاج إلى التفرق كما سيأتي شرحه في الباب الذي يليه وفى رواية أيوب عن نافع في الباب الذي قبله ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر وهو ظاهر في حصر لزوم البيع بهذين الامرين وفيه دليل على اثبات خيار المجلس وقد مضى قبل بباب ان ابن عمر حمله على التفرق بالأبدان وكذلك أبو برزة الأسلمي ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة وخالف في ذلك إبراهيم النخعي فروى ابن أبي شيبة باسناد صحيح عنه قال البيع جائز وان لم يتفرقا ورواه سعيد بن منصور عنه بلفظ إذا وجبت الصفقة فلا خيار وبذلك قال المالكية الا ابن حبيب والحنفية كلهم قال ابن حزم لا نعلم لهم سلفا الا إبراهيم وحده وقد ذهبوا في الجواب عن حديثي الباب فرقا فمنهم من رده لكونه معارضا لما هو أقوى منه ومنهم من صححه ولكن أوله على غير ظاهره فقالت طائفة منهم هو منسوخ بحديث المسلمون على شروطهم والخيار بعد لزوم العقد يفسد الشرط وبحديث التحالف عند اختلاف المتبايعين لأنه يقتضى الحاجة إلى اليمين وذلك يستلزم لزوم العقد ولو ثبت الخيار لكان كافيا في رفع العقد وبقوله تعالى واشهدوا إذا تبايعتم والاشهاد ان وقع بعد التفرق لم يطابق الامر وان وقع قبل التفرق لم يصادف محلا ولا حجة في شئ من ذلك لان النسخ لا يثبت بالاحتمال والجمع بين الدليلين مهما أمكن لا يصار معه إلى الترجيح والجمع هنا ممكن بين الأدلة المذكورة بغير تعسف ولا تكلف وقال بعضهم هو من رواية مالك وقد عمل بخلافه فدل على أنه عارضه ما هو أقوى منه والراوي إذا عمل عمل بخلاف ما روى دل على وهن المروى عنده وتعقب بان مالكا لم يتفرد به فقد رواه غيره وعمل به وهم أكثر عددا رواية وعملا وقد خص كثير من محققي أهل الأصول الخلاف المشهور فيما إذا عمل الراوي بخلاف ما روى بالصحابة دون من جاء بعدهم ومن قاعدتهم ان الراوي أعلم بما روى وابن عمر هو راوي الخبر وكان يفارق إذا باع ببدنه فاتباعه أولى من غيره وقالت طائفة هو معارض بعمل أهل المدينة ونقل ابن التين عن أشهب بأنه مخالف لعمل أهل مكة أيضا وتعقب بأنه قال به ابن عمر ثم سعيد بن المسيب ثم الزهري ثم ابن أبي ذئب كما مضى وهؤلاء
(٢٧٦)