واليه الإشارة بحديث التمرة الساقطة في الباب الثاني (قوله وقال حسان بن أبي سنان) هو البصري أحد العبد في زمن التابعين وليس له في البخاري سوى هذا الموضع وقد وصله أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عنه بلفظ إذا شككت في شئ فاتركه ولابى نعيم من وجه آخر اجتمع يونس بن عبيد وحسان بن أبي سنان فقال يونس ما عالجت شيئا أشد على من الورع فقال حسان ما عالجت شيئا أهون على منه قال كيف قال حسان تركت ما يريبني إلى ما لا يريبني فاسترحت قال بعض العلماء تكلم حسان على قدر مقامه والترك الذي أشار إليه أشد على كثير من الناس من تحمل كثير من المشاق الفعلية وقد ورد قوله دع ما يريبك إلى ما لا يريبك مرفوعا أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد وابن حبان والحاكم من حديث الحسن بن علي وفى الباب عن أنس عند أحمد من حديث ابن عمر عند الطبراني في الصغير ومن حديث أبي هريرة وواثلة بن الأسقع ومن قول ابن عمر أيضا وابن مسعود وغيرهما (قوله يريبك) بفتح أوله ويجوز الضم يقال رابه يريبه بالفتح وأرابه يريبه بالضم ريبة وهى الشك والتردد والمعنى إذا شككت في شئ فدعه وترك ما يشك فيه أصل عظيم في الورع وقد روى الترمذي من حديث عطية السعدي مرفوعا لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس وقد تقدمت الإشارة إليه في كتاب الايمان قال الخطابي كل ما شككت فيه فالورع اجتنابه ثم هو على ثلاثة أقسام واجب ومستحب ومكروه فالواجب اجتناب ما يستلزمه ارتكاب المحرم والمندوب اجتناب معاملة من أكثر ماله حرام والمكروه اجتناب الرخص المشروعة على سبيل التنطع * الحديث الأول حديث عقبة بن الحرث في الرضاع ووجه الدلالة منه قوله كيف وقد قيل فإنه يشعر بأن أمره بفراق امرأته انما كان لأجل قول المرأة انها أرضعتهما فاحتمل ان يكون صحيحا فيرتكب الحرام فأمره بفراقها احتياطا على قول الأكثر وقيل بل قبل شهادة المرأة وحدها على ذلك وستأتي مباحثه في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى * الحديث الثاني حديث عائشة في قصة ابن وليدة زمعة وسيأتي مباحثه في كتاب الفرائض ووجه الدلالة منه قوله صلى الله عليه وسلم احتجي منه يا سودة مع حكمة بأنه أخوها لأبيها لكن لما رأى الشبه البين فيه من غير زمعة أمر سودة بالاحتجاب منه احتياطا في قول الأكثر واعترض الداودي فقال ليس هذا الحديث من هذا الباب في شئ وأجاب ابن التين بان وجهه ان المشبهات ما أشبهت الحلال من وجه والحرام من وجه وبيانه من هذه القصة ان الحاقه بزمعة يقتضى ان لا تحتجب منه سودة والشبه بعتبة يقتضى ان تحتجب وقال ابن القصار انما حجب سودة منه لان للزوج ان يمنع زوجته من أخيها وغيره من أقاربها وقال غيره بل وجب ذلك لغلظ أمر الحجاب في حق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولو اتفق مثل ذلك لغيره لم يجب الاحتجاب كما وقع في حق الاعرابى الذي قال له لعله نزعه عرق * الحديث الثالث حديث عدى بن حاتم في الصيد ووجه
(٢٥٠)