فلم يجعلها علة للموصول كما صنع في طريق مالك في الباب قبله (قوله إنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه) وفى رواية معمر الآتية في صفة إبليس فاتيته أزوره ليلا وفى رواية هشام بن يوسف عن معمر عن الزهري كان النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وعنده أزواجه فرحن وقال لصفية لا تعجلي حتى انصرف معك والذي يظهر ان اختصاص صفية بذلك لكون مجيئها تأخر عن رفقتها فأمرها بتأخير التوجه ليحصل لها التساوي في مدة جلوسهن عنده أو أن بيوت رفقتها كانت أقرب من منزلها فخشى النبي صلى الله عليه وسلم عليها أو كان مشغولا فأمرها بالتأخر ليفرغ من شغله ويشيعها وروى عبد الرزاق من طريق مروان بن سعيد بن المعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معتكفا في المسجد فاجتمع إليه نساؤه ثم تفرقن فقال لصفية أقلبك إلى بيتك فذهب معها حتى أدخلها بيتها وفى رواية هشام المذكورة وكان بيتها في دار أسامة زاد في رواية عبد الرزاق عن معمر وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد أي الدار التي صارت بعد ذلك لأسامة بن زيد لان أسامة إذ ذاك لم يكن له دار مستقلة بحيث تسكن فيها صفية وكانت بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حوالي أبواب المسجد وبهذا يتبين صحة ترجمة المصنف قوله فتحدثت عنده ساعة زاد بن أبي عتيق عن الزهري كما سيأتي في الأدب ساعة من العشاء قوله ثم قامت تنقلب أي ترد إلى بيتها فقام معها يقلبها بفتح أوله وسكون القاف أي يردها إلى منزلها قوله حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة في رواية بن أبي عتيق الذي عند مسكن أم سلمة والمراد بهذا بيان المكان الذي لقيه الرجلان فيه لاتيان مكان بيت صفية قوله مر رجلان من الأنصار لم اقف على تسميتهما في شئ من كتب الحديث الا ان بن العطار في شرح العمدة زعم انهما أسيد ابن حضير وعباد ابن بشر ولم يذكر لذلك مستندا ووقع في رواية سفيان الآتية بعد ثلاثة أبواب فأبصره رجل من الأنصار بالافراد وقال بن التين انه وهم ثم قال يحتمل تعدد القصة قلت والأصل عدمه بل هو امرهم على أن أحدهما كان تبعا للاخر أو خص أحدهما بخطاب المشافهة دون الآخر ويحتمل ان يكون الزهري كان يشك فيه فيقول تارة رجل وتارة رجلان فقد رواه سعيد ابن منصور عن هشيم عن الزهري لقيه رجل أو رجلان بالشك وليس لقوله رجل مفهوم نعم رواه مسلم من وجه آخر من حديث انس بالافراد ووجهه ما قدمته من أن أحدهما كان تبعا للاخر فحيث أفرد ذكر الأصل وحيث ثنى ذكر الصورة قوله فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية معمر فنظرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم أجازا أي مضيا يقال جاز وأجاز بمعنى ويقال جاز الموضع إذا سار فيه وأجازه إذا قطعه وخلفه وفى رواية بن أبي عتيق ثم نفذا وهو بالفاء والمعجمة أي خلفاه وفى رواية معمر فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا أي في المشي وفى رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عند ابن حبان فلما رأيه استحييا فرجعا فأفاد سبب رجوعهما وكأنهما لو استمرا ذاهبين إلى مقصدهما ما ردهما بل لما رأى انهما تركا مقصدهما ورجعا ردهما قوله على رسلكما بكسر الراء ويجوز فتحها أي على هينتكما في المشي فليس هنا وفيه شئ محذوف تقديره امشيا على هيئتكما وفى رواية معمر فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم تعاليا وهو بفتح اللام قال الداودي أي قفا وأنكره بن التين وقد أخرجه عن معناه بغير دليل وفى رواية سفيان فلما ابصره دعاه
(٢٤١)