أولى أن يؤخذ به لأنه نص في الواقعة (قلت) قد ثبت عن عائشة صريحا إباحة ذلك كما تقدم فيجمع بين هذا وبين قولها المتقدم انه يحل له كل شئ الا الجماع بحمل النهى هنا على كراهة التنزيه فإنها لا تنافى الإباحة وقد رويناه في كتاب الصيام ليوسف القاضي من طريق حماد بن سلمة عن حماد بلفظ سألت عائشة عن المباشرة للصائم فكرهتها وكأن هذا هو السر في تصدير البخاري بالأثر الأول عنها لأنه يفسر مرادها بالنفي المذكور في طريق حماد وغيره والله أعلم ويدل على انها لا ترى بتحريمها ولا بكونها من الخصائص ما رواه مالك في الموطأ عن أبي النضر ان عائشة بنت طلحة أخبرته انها كانت عند عائشة فدخل عليها زوجها وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر فقالت له عائشة ما يمنعك ان تدنو من أهلك فتلاعبها وتقبلها قال أقبلها وانا صائم قالت نعم (قوله كان يقبل ويباشر وهو صائم) التقبيل أخص من المباشرة فهو من ذكر العام بعد الخاص وقد رواه عمرو بن ميمون عن عائشة بلفظ كان يقبل في شهر الصوم أخرجه مسلم والنسائي وفى رواية لمسلم يقبل في رمضان وهو صائم فأشارت بذلك إلى عدم التفرقة بين صوم الفرض والنفل وقد اختلف في القبلة والمباشرة للصائم فكرهها قوم مطلقا وهو مشهور عند المالكية وروى ابن أبي شيبة باسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يكره القبلة والمباشرة ونقل ابن المنذر وغيره عن قوم تحريمها واحتجوا بقوله تعالى فالآن باشروهن الآية فمنع المباشرة في هذه الآية نهارا والجواب عن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المبين عن الله تعالى وقد أباح المباشرة نهارا فدل على أن المراد بالمباشرة في الآية الجماع لا ما دونه من قبلة ونحوها والله أعلم وممن أفتى بافطار من قبل وهو صائم عبد الله بن شبرمة أحد فقهاء الكوفة ونقله الطحاوي عن قوم لم يسمهم والزم ابن حزم أهل القياس ان يلحقوا الصيام بالحج في منع المباشرة ومقدمات النكاح للاتفاق على ابطالهما بالجماع وأباح القبلة قوم مطلقا وهو المنقول صحيحا عن أبي هريرة وبه قال سعيد وسعد ابن أبي وقاص وطائفة بل بالغ بعض أهل الظاهر فاستحبها وفرق آخرون بين الشاب والشيخ فكرهها للشاب وأباحها للشيخ وهو مشهور عن ابن عباس أخرجه مالك وسعيد بن منصور وغيرهما وجاء فيه حديثان مرفوعان فيهما ضعف أخرج أحدهما أبو داود من حديث أبي هريرة والآخر أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وفرق آخرون بين من يملك نفسه ومن لا يملك كما أشارت إليه عائشة وكما تقدم ذلك في مباشرة الحائض في كتاب الحيض وقال الترمذي ورأى بعض أهل العلم ان للصائم إذا ملك نفسه ان يقبل والا فلا ليسلم له صومه وهو قول سفيان والشافعي ويدل على ذلك ما رواه مسلم من طريق عمر بن أبي سلمة وهو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيقبل الصائم فقال سل هذه لام سلمة فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك فقال يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال أما والله انى لأتقاكم لله وأخشاكم له فدل ذلك على أن الشاب والشيخ سواء لان عمر حينئذ كان شابا ولعله كان أول ما بلغ وفيه دلالة على أنه ليس من الخصائص وروى عبد الرزاق باسناد صحيح عن عطاء بن يسار عن رجل من الأنصار انه قبل امرأته وهو صائم فامر امرأته ان تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسألته فقال انى أفعل ذلك فقال زوجها يرخص الله لنبيه فيما يشاء فرجعت فقال انا أعلمكم بحدود الله وأتقاكم وأخرجه مالك لكنه
(١٣٠)