المراد بالصوم هنا حقيقته اللغوية وكأنه يشير بهذا إلى قول ابن القصار أن معنى قوله فليتم صومه أي الذي كان دخل فيه وليس فيه نفى القضاء قال وقوله فإنما أطعمه الله وسقاه مما يستدل به على صحة الصوم لاشعاره بان الفعل الصادر منه مسلوب الإضافة إليه فلو كان أفطر لا ضيف الحكم إليه قال وتعليق الحكم بالاكل والشرب للغالب لان نسيان الجماع نادر بالنسبة إليهما وذكر الغالب لا يقتضى مفهوما وقد اختلف فيه القائلون بان أكل الناسي لا يوجب قضاء واختلف القائلون بالافساد هل يوجب مع القضاء الكفارة أو لا مع اتفاقهم على أن أكل الناسي لا يوجبها ومدار كل ذلك على قصور حالة المجامع ناسيا عن حالة الآكل ومن أراد الحاق الجماع بالمنصوص عليه فإنما طريقه القياس والقياس مع وجود الفارق متعذر الا ان بين القائس ان الوصف الفارق ملغى اه وأجاب بعض الشافعية بان عدم وجوب القضاء عن المجامع مأخوذ من عموم قوله في بعض طرق الحديث من أفطر في شهر رمضان لان الفطر أعم من أن يكون بأكل أو شرب أو جماع وانما خص الأكل والشرب بالذكر في الطريق الأخرى لكونهما أغلب وقوعا ولعدم الاستغناء عنهما غالبا (قوله هشام) هو الدستوائي (قوله إذا نسى فأكل في رواية مسلم من طريق إسماعيل عن هشام من نسى وهو صائم فأكل وللمصنف في النذر من طريق عوف عن ابن سيرين من أكل ناسيا وهو صائم ولابى داود من طريق حبيب بن الشهيد وأيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة جاء رجل فقال يا رسول الله انى أكلت وشربت ناسيا وأنا صائم وهذا الرجل هو أبو هريرة راوي الحديث أخرجه الدارقطني باسناد ضعيف (قوله فليتم صومه) في رواية الترمذي من طريق قتادة عن ابن سيرين فلا يفطر (قوله فإنما أطعمه الله وسقاه) في رواية الترمذي فإنما هو رزق رزقه الله وللدارقطني من طريق ابن علية عن هشام فإنما هو رزق ساقه الله تعالى إليه قال ابن العربي تمسك جميع فقهاء الأمصار بظاهر هذا الحديث وتطلع مالك إلى المسئلة من طريقها فأشرف عليه لان الفطر ضد الصوم والامساك ركن الصوم فأشبه ما لو نسى ركعة من الصلاة قال وقد روى الدارقطني فيه لا قضاء عليك فتأوله علماؤنا على أن معناه لا قضاء عليك الآن وهذا تعسف وانما أقول ليته صح فنتبعه ونقول به الا على أصل مالك في أن خبر الواحد إذا جاء بخلاف القواعد لم يعمل به فلما جاء الحديث الأول الموافق للقاعدة في رفع الاثم عملنا به وأما الثاني فلا يوافقها فلم نعمل به وقال القرطبي احتج به من أسقط القضاء وأجيب بأنه لم يتعرض فيه للقضاء فيحمل على سقوط المؤاخذة لان المطلوب صيام يوم لا خرم فيه لكن روى الدارقطني فيه سقوط القضاء وهو نص لا يقبل الاحتمال لكن الشأن في صحته فان صح وجب الاخذ به وسقط القضاء اه وأجاب بعض المالكية بحمل الحديث على صوم التطوع كما حكاه ابن التين عن ابن شعبان وكذا قال ابن القصار واعتل بأنه لم يقع في الحديث تعيين رمضان فيحمل على التطوع وقال المهلب وغيره لم يذكر في الحديث اثبات القضاء فيحمل على سقوط الكفارة عنه واثبات عذره ورفع الاثم عنه وبقاء نيته التي بيتها اه والجواب عن ذلك كله بما أخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ من أفطر في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة فعين رمضان وصرح باسقاط القضاء قال الدارقطني تفرد به محمد بن مرزوق عن
(١٣٥)