فقال ادن فدنوت فقال أيؤذيك وفى رواية ابن بشر عن مجاهد فيه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ونحن محرمون وقد حصرنا المشركون وكانت لي وفرة فجعلت الهوام تتساقط على وجهي فقال أيؤذيك هوام رأسك قلت نعم فأنزلت هذه الآية وفى رواية أبى وائل عن كعب أحرمت فكثر قمل رأسي فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فاتانى وأنا أطبخ قدرا لأصحابي وفى رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد بعد بابين رآه وانه ليسقط القمل على وجهه فقال أيؤذيك هوامك قال نعم فامره أن يحلق وهم بالحديبية ولم يبين لهم أنهم يحلون وهم على طمع أن يدخلوا مكة فأنزل الله الفدية وأخرجه الطبراني من طريق عبد الله بن كثير عن مجاهد بهذه الزيادة ولأحمد وسعيد ابن منصور في رواية أبى قلابة قملت حتى ظننت أن كل شعرة من رأسي فيها القمل من أصلها إلى فرعها زاد سعيد وكنت حسن الشعر وأول رواية عبد الله بن معقل بعد باب جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية فقال نزلت في خاصة وهى لكم عامة حملت إلى رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى زاد مسلم من هذا الوجه فسألته عن هذه الآية ففدية من صيام الآية ولأحمد من وجه آخر في هذه الطريق وقع القمل في رأسي ولحيتي حتى حاجبي وشاربي فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى فدعاني فلما رآني قال لقد أصابك بلاء ونحن لا نشعر ادع إلى الحجام فحلقني ولابى داود من طريق الحكم بن عيينة عن ابن أبي ليلى عن كعب أصابتني هوام حتى تخوفت على بصرى وفى رواية أبى وائل عن كعب عند الطبري فحك رأسي بإصبعه فانتثر منه القمل زاد الطبري من طريق الحكم ان هذا لأذى قلت شديد يا رسول الله والجمع بين هذا الاختلاف في قول ابن أبي ليلى عن كعب ان النبي صلى الله عليه وسلم مر به فرآه وفى قول عبد الله بن معقل ان النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليه فرآه أن يقال مر به أولا فرآه على تلك الصورة فاستدعى به إليه فخاطبه وحلق رأسه بحضرته فنقل كل واحد منهما ما لم ينقله الآخر ويوضحه قوله في رواية ابن عون السابقة حيث قال فيها فقال ادن فدنوت فالظاهر أن هذا الاستدناء كان عقب رؤيته إياه إذ مر به وهو يوقد تحت القدر (قوله لعلك أذاك هوامك) قال القرطبي هذا سؤال عن تحقيق العلة التي يترتب عليها الحكم فلما أخبره بالمشقة التي نالته خفف عنه والهوام بتشديد الميم جمع هامة وهى ما يدب من الاخشاش والمراد بها ما يلازم جسد الانسان غالبا إذا طال عهده بالتنظيف وقد عين في كثير من الروايات أنها القمل واستدل به على أن الفدية مرتبة على قتل القمل وتعقب بذكر الحلق فالظاهر أن الفدية مرتبة عليه وهما وجهان عند الشافعية يظهر أثر الخلاف فيما لو حلق ولم يقتل قملا (قوله احلق رأسك وصم) قال ابن قدامة لا نعلم خلافا في الحاق الإزالة بالحلق سواء كان بموسى أو مقص أو نورة أو غير ذلك وأغرب ابن حزم فأخرج النتف عن ذلك فقال يلحق جميع الازالات بالحلق الا النتف (قوله أو أطعم) ليس في هذه الرواية بيان قدر الاطعام وسيأتي البحث فيه بعد باب وهو ظاهر في التخيير بين الصوم والاطعام وكذا قوله أو انسك بشاة ووقع في رواية الكشميهني شاة بغير موحدة والأول تقديره تقرب بشاة ولذلك عداه بالباء والثاني تقديره اذبح شاة والنسك يطلق على العبادة وعلى الذبح المخصوص وسياق رواية الباب موافق للآية وقد تقدم أن كعبا قال إنها نزلت بهذا السبب وقد قدمت في أول الباب أن رواية
(١٢)