من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج ٤ - الصفحة ٥٠٢
وما كان فيه عن عنه عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن ميسرة. (1) وما كان فيه عن محمد بن القاسم الاسترآبادي فقد رويته عنه (2).
(١) علي بن ميسرة هذا هو من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام على ما عده الشيخ في رجاله في أصحابه، ولكن روى مؤلف في المجلد الثاني تحت رقم ٢٥٥١ قال: " وكتب علي بن ميسر إلى أبى جعفر الثاني عليه السلام يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان - الحديث " والظاهر من هذا الطريق أن المراد بعلى بن ميسرة هو هذا بقرينة رواية الحسن بن ابن علي الوشاء عنه فإنه ذكر في أصحاب أبي الحسن الرضا والهادي عليهما السلام. وأما الطريق فصحيح عند العلامة والاختلاف في العبيدي.
(٢) هو صاحب التفسير المنسوب المشهور بتفسير الإمام العسكري عليه السلام قال أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري أستاذ النجاشي: ان محمد بن القاسم أو أبى القاسم روى عنه ابن بابويه ضعيف كذاب روى عنه تفسيرا يرويه عن رجلين مجهولين أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد والاخر بعلى بن محمد بن يسار، عن أبويهما، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام، والتفسير موضوع عن سهل الديباجي، عن أبيه بأحاديث من هذه المناكير ".
وقال المولى المجلسي في شرح المشيخة: اعتمد عليه الصدوق وكان شيخه، فما ذكره ابن الغضائري باطل، وتوهم أن مثل هذا التفسير لا يليق أن ينسب إلى المعصوم مردود ومن كان مرتبطا بكلام الأئمة يعلم أنه كلامهم عليهم السلام واعتمد عليه شيخنا الشهيد الثاني ونقل أخبارا كثيرة منه في كتبه واعتماد التلميذ الذي كان مثل الصدوق يكفي، عفى الله عنا وعنهم - انتهى. أقول:
أولا اعتماد الصدوق (ره) عليه غير ثابت والثابت نقله عن هذا الرجل فحسب وهو لا يدل على المدعى فقد نقل أخبارا عن أحمد بن هلال والسكوني ولا يعتمد عليهما وان سلمنا فما ربطه بهذا التفسير الموجود، وغاية ما يمكن أن يقال اعتماده على بعض أخباره، وكم من رجل ضعيف أو جاعل يروى خبرا صحيحا صدقا واعتمد عليه الاجلاء، وهذا لا يدل على كون الضعيف أو الجاعل موثقا عندهم. وان قيل: إن لم يكن الرجل معتمدا عنده فكيف يذكر في غير موضع بعد اسمه " رضي الله عنه " أو " رحمه الله " قلنا دأب المؤلف في كتبه ذكر الرضيلة أو الرحملة بعد اسم مشايخه إذا كانوا اماميا ليكون ميزا بين عاميهم واماميهم وذلك يدل على أن مذهبهم مرضى عنده ولا يدل على أزيد من ذلك، فان النجاشي - رحمه الله - ترحم على أحمد بن محمد الجوهري مع أنه قال: رأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا. وأما قوله " من كان مرتبطا بكلام الأئمة يعلم أنه كلامهم عليهم السلام " فهذا أيضا غير معلوم بل يمكن أن يقال الامر فيه بالعكس فنذكر بعض ما فيه ليتضح الامر قال المفسر أو روى فيه: أن النبي صلى الله عليه وآله قال لأبي بكر بعد عزله عن تبليغ آيات صدر سورة " براءة ": وأما أنت فقد عوضك الله بما قد حملك من آياته وكلفك من طاعاته الدرجات الرفيعة والمراتب الشريفة " وروى أيضا " أن النبي صلى الله عليه وآله قال لأبي جهل - لما طلب منه أن يحرقه بصاعقة إن كان نبيا -: يا أبا جهل إنما رفع عنك العذاب لعلة وهي أنه سيخرج من صلبك ذرية طيبة: عكرمة ابنك، وسيلي أمور المسلمين ما ان أطاع الله فيه كان عند الله جليلا والا فالعذاب نازل عليك " مع أن النبي أمر في فتح مكةبقتل هذه الذرية الطيبة في جملة من أمر بقتلهم وقال: ولو وجدوا تحت أستار الكعبة أو كانوا متعلقين بها " وانحراف عكرمة عن أمير المؤمنين عليه السلام مما لا يشك فيه أحد وهكذا بغضه له عليه السلام، هذا مضافا إلى أن عكرمة يومذاك كان شابا لأنه في يوم أحد على ميسرة الكفار وخالد بن الوليد على ميمنتهم، وقد قتل من المسلمين نفرا منهم رافع بن المعلى بن لوذان وقالوا قتله عكرمة بن أبي جهل ونص عليه غير واحد من المؤرخين وأرباب السير والتراجم.
وفيه أيضا أن آية " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله " نزلت في جماعة عد منهم صهيب الرومي. مع أنه كان من المبغضين لعلى عليه السلام والمنحرفين عنه، روى الكشي في رجاله عن الصادق عليه السلام - في عنوان بلال وصهيب - أنه قال: " كان بلال عبدا صالحا، وصهيب عبد سوء يبكى على فلان " وروى المفيد في الإختصاص ص ٧٣ قال أبو عبد الله عليه السلام " رحم الله بلالا كان يحبنا أهل البيت ولعن الله صهيبا فإنه كان يعادينا " وفي خبر آخر " كان يبكى على فلان " وهو الذي صلى بالناس أيام الشورى عينه عمر، وصلى عليه بحكم عبد الرحمن بن عوف كما اتفقت عليه تواريخهم.
وفيه " قال النبي صلى الله عليه وآله: ان الصلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في ما سواه الا المسجد الحراموالمسجد الأقصى " وهذا كما ترى جعل البيت المقدس عدل المسجد الحرام وثواب الصلاة فيه كثواب الصلاة في مسجدالنبي صلى الله عليه وآله وتقدم منا الكلام في المجلد الأول ص ٢٣٣ في موقعية المسجد الأقصى من الفضل.
وفيه في أوائله " أن النبي لما بنى مسجدا بالمدينة وشرع فيه بابه وأشرع المهاجرون والأنصار أراد الله إبانة محمد وآله الأفضلين بالفضيلة فنزل جبرئيل عن الله بأن سدوا الأبواب عن مسجد النبي قبل أن ينزل بكم العذاب فأول من بعث إليه النبي صلى الله عليه وآله يأمره بسد بابه العباس بن عبد المطلب - إلى آخر كلامه الطويل - " مع أن العباس لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وآله يومئذ ولم يهاجر وكان في غزوة بدر مع المشركين فأسر، وبالجملة مفتريات هذا التفسير كثيرة وعلى الطالب الرجوع إليه أو إلى كتاب الاخبار الدخيلة، وعندي أن الاصرار بتصحيح أمثال هذه الكتب اصرار في تخريب أساس الامامية وتجريح أئمتهم المعصومين عليهم السلام والذين تصدوا لاثبات صحة هذا التفسير ونسبته إلى المعصوم ربما تعجبهم كثرة ما نقل فيه من فضائل أهل البيت ومعجزاتهم عليهم السلام فغفلوا عما فيه من الخبط والتخليط والمفتريات والأباطيل، روى الصدوق - رضوان الله عليه - في عيون أخبار الرضا (ع) " أن إبراهيم بن أبي محمود قال للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله ان عندنا أخبارا في فضائل أمير المؤمنين (ع) وفضلكم أهل البيت وهي من رواية مخالفيكم ولا نعرف مثلها عندكم أفندين بها؟ فقال (ع) يا ابن أبي محمود ان مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام، أحدها، الغلو، وثانيها التفسير في أمرنا، وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا، فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا وقد قال الله عز وجل: " لا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم " - إلى أن قال - يا ابن أبي محمود احفظ ما حدثتك به فقد جمعت لك فيه خير الدنيا والآخرة ".