زجرة فانقلب فزعا من الزجرة وصار رأسه قبل المخرج، فإذا وقع على الأرض دفع إلى هول عظيم وعذاب أليم، إن أصابته ريح أو مسته يد وجد لذلك من الألم ما يجد المسلوخ عند جلده، يجوع فلا يقدر على الاستطعام، ويعطش فلا يقدر على الاستسقاء، ويتوجع فلا يقدر على الاستغاثة، فيوكل الله تبارك وتعالى برحمته والشفقة عليه والمحبة له أمه فتقيه الحر و البرد بنفسها، وتكاد تفديه بروحها، وتصير من العطف عليه بحال لا تبالي أن تجوع إذا شبع، وتعطش إذا روى، وتعرى إذا كسى، وجعل الله تعالى ذكره رزقه في ثديي أمه في إحديهما شرابه وفي الأخرى طعامه حتى إذا رضع آتاه الله عز وجل كل يوم بما قدر له فيه من رزق، فإذا أدرك فهمه الأهل والمال والشره والحرص، ثم هو مع ذلك يعرض للآفات (1) والعاهات والبليات من كل وجه، والملائكة تهديه وترشده، والشياطين تضله وتغويه، فهو هالك إلا أن ينجيه الله عز وجل، وقد ذكر الله تعال ذكره نسبة الانسان في محكم كتابه فقال عز وجل: " ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة. فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لماثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين. ثم إنكم بعد ذلك لميتون.
ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ".
قال جابر بن عبد الله الأنصاري فقلت: يا رسول الله هذه حالنا فكيف حالك وحال الأوصياء بعدك في الولادة؟ فسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) مليا، ثم قال: يا جابر لقد سألت عن أمر جسيم لا يحتمله إلا ذو حظ عظيم، إن الأنبياء والأوصياء مخلوقون من نوع عظمة الله جل ثناؤه (2) يودع الله أنوارهم أصلابا طيبة، وأرحاما طاهرة،