السابق، ولكن قد يقال بأنه لو كان للرهن مؤونة فأنفق المرتهن عليه، مثل أن كان الراهن دابة مثلا فعلفها فله أن يركبها، أو كان شاة فله أن يشرب حليبها، أو بستانا و نخيلا فسقاها فله أن يأكل من ثمرها.
وبعبارة أخرى: له أن ينتفع بالرهن عوض النفقة التي يبذلها له.
والكلام في هذا المقام تارة باعتبار القواعد الأولية فيما إذا كان مال الغير تحت يده بإذن صاحبه أو لحق له في ذلك، وأخرى باعتبار النصوص الواردة في هذه المسألة.
فنقول: أما بالاعتبار الأول: فلا شك في أن نفقة المال على صاحبه، وتسمى بنفقة الملك: فإن تصدى غيره إما بإذن منه، أو لوجوبه عليه من جهة لزوم حفظ حيوان المحترم فيما لم يكن هناك من ينفق عليه ولم يقصد كونه مجانا، فيكون ما أنفق في ذمة المالك. فحينئذ لو استوفى منفعة ذلك المال الذي جعل رهنا، سواء كانت من النماءات المنفصلة أو المتصلة أو لم يكن شئ منهما بل كان صرف انتفاع له مالية عند العقلاء والشرع، فإن كانت تلك المنفعة مساوية مع ما بذله يتهاتران قهرا، وعند العدم يرد الزائد على الراهن فيما إذا كانت المنفعة زائدة، ويأخذ منه إن كانت النفقة أزيد، وهذا أمر مسلم.
وأما بالاعتبار الثاني: أي النصوص الواردة في المقام، فظاهرها جواز الانتفاع بالرهن لو أنفق عليه، سواء كان الإنفاق مساويا مع الانتفاع بحسب القيمة، أو كانا متفاضلين.
فمنها: رواية أبي ولاد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأخذ الدابة والبعير رهنا بماله أن يركبه؟ قال: فقال عليه السلام: " إن كان يعلفه فله أن يركبه، وإن كان الذي رهنه عنده يعلفه فليس له أن يركبه " (1).