فسألوا أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك، فقال عليه السلام: " ذلك له " (1).
وهذه الرواية أيضا تدل على عدم جواز استقلال أحدهما وتفرده بالتصرف، بناء على أن يكون المشار إليه في كلمة " ذلك له " هو إباء الآخر بعد طلب أحدهما التقسيم والنصف، لا أن يكون المشار إليه هو طلب التنصيف، وإلا فيكون على خلافه أدل. فظهر أن هذه الروايات أيضا تدل على عدم جواز انفراد كل واحد من الوصيين أو الأوصياء بالتصرف، بل لا بد من اجتماعهما على رأي وأمر فيما لم ينص الموصى على الاستقلال والانفراد.
ثم إنه لو تشاحا ولم يجتمعا على أمر وأصر كل واحد منهما على رأيه المخالف لرأي الآخر، فالحاكم يجبرهما على الاجتماع، فإن لم يمكن وتعذر الاجتماع بل وإن تعسر يستبدل بهما غيرهما، لأن تعيين أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح، ولأن التعطيل في وصايا الميت بحيث يضيع حق من أوصى له أو غير ذلك من وصاياه أمر مرغوب عنه شرعا. ومضافا إلى أن المال يبقى بلا من يكون وليا عليه ويدبر أمره، خصوصا إذا كان من الحيوانات فتتلف لاحتياجها إلى عنايات من تعليفها، ومكان بالليل لحفظها من السباع، وراع يرعيها وأمثال ذلك، والصغار من يتامى الموصى يحتاجون إلى الأكل واللباس وغير ذلك من حوائجهم، فلا بد من مداخلة الحاكم الذي بيده مجاري الأمور لاستبدال المتشاحين بغيرهما كي يدبر هذه الأمور وينظمها.
وأما ما قيل: من أن في الأمور اللابدية التي لا يمكن تعطيلها لفوات نفس محترمة، أو فوات الأموال بجواز انفراد أحدهما بالتصرف كما في الشرائع. (2)