حال الوقف والواقف يملكهم، ثم بعد انقراضهم يعتبر ملكية طبقة البعد مثل باب الإرث، فإن الشارع اعتبر ملكية المورث الموجود حال الاعتبار بأسبابها، من الحيازة أو العطايا أو الهبات أو بالمعاملات والانتقال إليه بأحد النواقل الشرعية، وأيضا اعتبر بعد موته ملكية ورثته حال وجودهم. وقد جاء الدليل على هذا المعنى بقوله عليه السلام: " ما تركه الميت من حق أو مال فلوارثه ". وهذا أمر ممكن معقول، وقد جاء الدليل عليه في مقام الإثبات، وهذا ليس من تمليك المعدوم.
لا يقال: لا فرق في عدم إمكان التمليك بين عدم الموصى له وبين عدم الموصى به، وذلك لما بينا من أن الملكية لها إضافتان: إحديهما إلى الشئ الذي يتصف بالملكية وأنه مملوك، وأخرى إلى الشخص الذي يتصف بأن الملك له. ويعبر عن الأول بالمملوكية، وعن الثاني بالمالكية. والموصى به هو الأول، والموصى له هو الثاني. فلو قلنا بأن الموصى له لا يمكن أن يكون معدوما، فالموصى به أيضا كذلك، لوحدة المناط فيهما، مع أنه من المسلمات جواز الوصية بالأعيان المعدومة حال الوصية فعلا، وكذلك بالمنافع المعدومة حالها كما إذا أوصى بكون ثمرة هذا البستان لفلان عشر سنين مثلا، بل ينبغي أن يعد جواز الثاني من الضروريات.
وفيه: أن هذا ليس من باب تمليك ما هو المعدوم حال التمليك للموصى له، بل من باب تمليك شئ في ظرف وجوده لشخص معين، أو لعنوان من العناوين، أو لطبيعة كلية، ولا مانع عقلا من هذا الأمر.
والذي قلنا إنه غير ممكن هو أن لا يكون التمليك بلحاظ حال وجوده، وإلا لا شك في أن الأحكام الوضعية تتعلق بموضوعاتها ومتعلقاتها باعتبار وجود صفة وحالة في تلك الموضوعات، أو بلحاظ ظرف وجود نفس تلك الموضوعات، وإن كان الجعل في حال عدم تلك الموضوعات أو عدم تلك الصفات ولكن اعتبار المجعول بلحاظ ظرف وجود تلك الموضوعات أو تلك الصفات.