مزيد صاحب السابري قال: أوصى إلى رجل بتركته وأمرني أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك، فإذا هي شئ يسير لا يكفي للحج إلى أن قال: فسألت أبا عبد الله عليه السلام فقال:
" ما صنعت بها "؟ قلت: تصدقت بها قال عليه السلام: " ضمنت إلا أن لا يكون يبلغ ما يحج به من مكة، فإن كان لا يبلغ ما يحج به من مكة فليس عليك ضمان، وإن كان يبلغ ما يحج به من مكة فأنت ضامن " (1).
فقد حكم عليه السلام بعدم الضمان وصحة الصدقة فيما إذا لم يبلغ المال قدر ما يحج به عنه من مكة.
نعم نبه الإمام عليه السلام الوصي على أمر، وهو أن المراد من عدم بلوغ المال قدر ما يكفي الحج هو عدم بلوغه حتى من مكة، بأن يكون حج إفراد، أو من أقرب المواقيت مثلا لو كان المال يكفي للإحرام من الحديبية بل من أول الحرم، فهذا ليس من عدم البلوغ.
وأما القول الآخر - أي رجوعه ميراثا الذي قال به ابن إدريس ونقله عن الشيخ - فمستنده أن الوصية بعد عدم إمكان العمل بها تبطل، فيرجع المال إلى صاحبه وهو الوارث.
وفيه: أن العجز عن العمل بها لا يوجب بطلانها، لأنه غالبا يكون من قبيل تعدد المطلوب. مثلا لو أوصى بعمارة مسجد أو مدرسة تكون مساحة كل واحد منهما ألف متر ولا يوجد المكان الذي يسع هذا المقدار، بل في ذلك المكان المعين الذي عينه الموصى للمسجد أو للمدرسة توجد أرض بسعة تسعمائة مترا، والمال الذي عين لبناء المدرسة ذات طبقتين لا يفي بذلك، ولكن يمكن عمارة مدرسة ذات طبقة واحدة، فلا شك في أن القسم الأول هو مطلوبه الكامل، لا أن المطلوب منحصر به فلو بنى