الكفالة هو الالتزام بإحضار المديون، والعمل بهذا الالتزام متعذر للكفيل، فالعقد من أول الأمر لا يشمل مثل هذه الصورة، لأنه التزام بفعل لا يقدر عليه. ونحن بينا في هذا الكتاب أن كل عقد لا يقدر المتعاقدان أو أحدهما العمل بمضمونه يكون مثل هذا العقد والتعهد والالتزام باطلا، فإذا بلغ إلى هذا الحد يخرج عن كونه كفيلا وتبرأ ذمته.
هذا، مضافا إلى ادعاء صاحب الرياض قدس سره نفي الخلاف في هذا الحكم، أي براءة ذمة الكفيل بموت المكفول (1) وفي التذكرة قال: إذا مات المكفول به بطلت الكفالة، ولم يلزم الكفيل شئ عند علمائنا (2) وأنت ترى أن هذه العبارة مساوقة لادعاء الإجماع، فلا ينبغي التشكيك في براءة ذمة الكفيل بموت المكفول.
وأما الثاني: أي موت الكفيل، فبطلان الكفالة بموته وعدم قيام الوارث مقامه فمن جهة كون ذمة الميت مشغولة بإحضار المكفول به غير ممكن، لعدم إمكان الإحضار في حقه، فاعتبارها في حقه لغو في نظر الشرع والعقلاء، وليس مالا كي ينتقل إلى ورثته.
وأما كونه حقا فإن كان كذلك، لكنه حق المكفول له عليه، لا حقه على غيره كي يرثه الوارثون، فقهرا بموت الكفيل ينتفى الكفالة، لعدم بقاء موضوعها وهو شخص الكفيل.
نعم بموت المكفول له لا تبطل الكفالة ولا تبرأ ذمة الكفيل، لأن الكفالة كانت حقا للمكفول له على ذمة الكفيل، فيرثه الوارثون بموت مورثهم ويقومون مقامه.
فكما أن الدين باق في ذمة المديون، الكفالة أيضا باقية في ذمة الكفيل، وكلاهما ينتقلان إلى الورثة، فللورثة طلب إحضار الغريم من الكفيل، فإن أحضر يستوفون دينهم الذي انتقل إليهم من مورثهم منه، وإلا يحبس حتى يحضره أو يؤدى الدين هو على التفصيل الذي تقدم، ويكون حالهم مع الكفيل حال مورثهم معه.