قال فخر المحققين قدس سره في الإيضاح (1) في تقريب دلالة الرواية على صحة الكفالة مع التعليق بأن ظاهرها هو أن لزوم دفع الخمسمائة درهم معلق على عدم الإتيان به، وهذا ملازم مع كون لزوم الإتيان به وإحضاره معلقا على عدم الدفع، فيكون وجوب إحضاره الذي هو عبارة أخرى عن الكفالة معلقا على عدم الدفع، وقد حكم الإمام عليه السلام بصحة مثل هذه الكفالة وأفاد أن حكم الإمام عليه السلام في جواب سؤال الراوي بنحو قضية المانعة الخلو، أي لا يخلو وظيفته وما يجب عليه من أحد أمرين: إما دفع الخمسمائة، وإما الإتيان بذلك الرجل الذي كفل بإحضاره والإتيان به.
وهذا كلام عجيب، لأن الرواية ظاهرة في أن لزوم الدفع معلق على عدم الإتيان به، وأما لزوم الإتيان فليس معلقا على عدم الدفع، بل هو لازم على كل حال، دفع أو لم يدفع. نعم هو التزم بالدفع معلقا على عدم الإتيان به، وهذا تعليق في التزامه وليس تعليقا لا في الكفالة ولا في الضمان المصطلح، بل تعليق في ما التزم به، فالرواية أجنبية عن المقام. ولو كانت دالة على تعليق الكفالة يجب طرحها، للإجماع على خلافها.
وقد ذكروا ها هنا لبطلان التعليق وجوها تركنا ذكرها لعدم الاحتياج إليها مضافا إلى عدم صحتها في نفسها.
ثم إنه لا يخفى أن الشرائط العاملة التي ذكروها لصحة العقود تأتي كلها في عقد الكفالة أيضا، من البلوغ والعقل والرشد والاختيار بالنسبة إلى المتعاقدين، أي الكفيل والمكفول له إن كان قابلا لأن يقع طرفا في العقد، وإلا ففي وليه.
وبعبارة أخرى: هذه الشروط لمطلق المتعاقدين، ولا اختصاص لها بعقد خاص، فلا يجب ذكرها وتكرارها في كل عقد بعد أن كان دأب الفقهاء وديدنهم ذكرها في أول أبواب المعاملات أعني البيع. وإنما ذكروا خصوص التنجيز لأجل الرواية التي ذكرناها واستظهار بعضهم عدم اعتبار التنجيز فيها. وقد عرفت الحال فيها وأنه لا دلالة لها