قلنا: هو الذي أتلف ماله إما لغرض دنيوي أو عوض أخروي بإقدامه، وقاعدة الإقدام حاكمة على قاعدة الاحترام، وإلا ينسد باب الهبات والعطايا والإباحات.
والمناط في جواز الرجوع وعدمه هو كون الضمان بإذنه أو بطلبه، وأما الأداء فلا تأثير له في الرجوع، سواء كان بإذنه أو لم يكن بإذنه. فإذا كان بإذنه الضمان فيستحق الضامن على المضمون عنه، وإن لم يكن الأداء بإذنه بل وإن منع عن الأداء، لأنه بالضمان بإذنه اشتغلت ذمة الضامن فيجب عليه تفريغ ذمته، فلا تأثير لمنع المضمون عنه عن الأداء.
وأما إن لم يكن الضمان بإذنه فلا موجب لاشتغال ذمته وإن قال المديون أد ديني، إلا أن يصرح المضمون عنه بأنه أد ديني عني وارجع به على، لجريان قاعدة الاحترام من دون وجود حاكم عليه، لأنه يقدم على الأداء بقصد الرجوع وأمر الطرف بالرجوع عليه.
هذا، مضافا إلى عدم خلاف من الأصحاب فيما ذكرنا، بل دعوى الإجماع من صاحب الجواهر قدس سره بقسميه في الصورتين (1)، أي الرجوع مع الإذن في الضمان وإن كان أداؤه بغير إذن المضمون عنه بل ومع منعه عن الأداء، وعدم جواز الرجوع وإن كان الأداء بإذنه، إلا فيما استثناه من الأمر بالأداء مع التصريح بالرجوع من طرف المضمون عنه.
ثم إن ما قلنا من جواز رجوع الضامن على المضمون عنه هو فيما إذا حل أجل دينه، وإلا لو استعجل الضامن وأدى الدين قبل حلول أجله لا يستحق على المضمون عنه قبل حلول أجل دينه، إلا بتصريح من قبل المضمون عنه بأن يقول: أد ديني حالا قبل حلول الأجل وارجع به على، فهذا كأنه قرار ومواضعة جديدة بين الضامن والمضمون عنه.