المشركون لا يملكون مال المسلمين بالاستغناء فإذا أغار المشركون على المسلمين فأخذوا دارهم وعبيدهم وأموالهم ثم ظفر بهم المسلمون فأخذوا منهم ما كانوا اخذوه منهم فان أولادهم يردون إليهم بعد أن يقيموا البينة ولا يسترقون اجماعا واما العبيد والأموال فان أربابها إذا أقاموا البينة به قبل القسمة رجعت إلى أربابها بأعيانها ولا يغرم الامام للمقاتلة عوضه شيئا في قول عامة العلماء اما ان جاؤوا بالبينة بعد القسمة ففيه قولان لعلمائنا. أحدهما: ان يرد على أربابه ويرد الامام قيمة ذلك للمقاتلة من بيت المال اختاره الشيخ في المبسوط وابن إدريس وبه قال أبو بكر وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وربيعة والشافعي وابن المنذر. الثاني: يكون للمقاتلة ويعطي الامام أربابها أثمانها اختاره الشيخ في الغاية وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي ومالك وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين وفي الأخرى لا حق لصاحبه فيه بحال ونقله الجمهور عن علي عليه السلام وعمر والليث وعطاء والنخعي والحق الأول لنا ما رواه الجمهور عن أبي عمرو انه ذهب فرس له فاخذه العدو فظهر عليه المسلمون فرد على في زمن النبي صلى الله عليه وآله وعنه ان غلاما ابق على العدو وظهر عليه المسلمون فردوه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ابن عمر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن سالم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الترك يعبرون على المسلمين فيأخذن أولادهم يسرقونهم منهم أيرد عليهم قال نعم والمسلم حق المسلم والمسلم أحق بماله أين ما وجده ولان من لا يملك رقبة غيره بالقهر لا يملك ماله به كالمسلم احتج الشيخ (ره) بما رواه هشام عن بعض أصحاب أبي عبد الله عليه السلام في السبي يأخذ العدو من المسلمين في القتل من أولاد المسلمين أو من مماليكهم ثم إن المسلمين بعد قاتلهم فظفروا بهم فسبوهم واخذوا منهم ما اخذوا من مماليك المسلمين وأولادهم الذين كانوا أخذوهم من المسلمين فكيف يصنع فيهما كانوا اخذوا من أولاد المسلمين فلا يقام في سهام المسلمين ولكن يرد إلى أمه أو إلى أخيه أو إلى وليه بشهود واما المماليك فإنهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون ويعطى مواليهم قيمت أثمانهم من بيت مال المسلمين احتج أبو حنيفة بما روى تميم بن طرفة ان الكافر أصابوا بعيرا لنا فاشتراه منهم رجل فأخرجه إلى دار الحرب فعزله صاحبه وخاصمه رسول الله صلى الله فقال إن شئت اخذت بثمن الذي اشتراه والا فهو له وعن ابن عباس ان ان رجلا وجد بعيرا له كان المشركون أصابوه فقال له النبي صلى الله عليه وآله انا أصبته قبل أن يقسمه فهو لك وان أصبته بعد ما قسم اخذته بالقيمة ولأنه انما امتنع اخذه له بغير شئ ليلا يفضي إلى حرمان اخذه من الغنيمة ويضع الثمن على المشتري وحقهما عمر بالثمن فيرجع صاحب المال في عين ماله بمنزلة مشتري (الشقص) المشفوع ولان القهر سبب يملك به المسلم على الكافر فملك به الكافر على المسلم كالبيع والجواب عن الأول انه الرواية مرسلة فلا يعارض روايتنا الصحيحة وعن الحديثين الآخرين انهما معارضان بما قدمناه من روايات الجمهور وعن الثالث بالفرق بينه وبين منع سبب يشتركان في إباحة القهر ههنا محظور وسلم أبو حنيفة انه لا بملك الكافر. مسألة: روى الشيخ (ره) عن جميل عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل كان له عبد فادخل دار المشرك ثم اخذ سبيا إلى دار الاسلام فقال إن وقع عليه قبل القسمة فهو له وان جرت عليه القسمة فهو أحق به بالثمن وهذه الرواية تعضد قول الشيخ (ره) الا انها مرسلة وروى في الحسن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل لقيه العدو فأصابوا منه مالا أو متاعا ثم إن المسلمين أصابوا بعد ذلك كيف يصنع بمتاع الرجل فقال إذا كانوا أصابوا قبل أن يحرزوا متاع الرجل رد عليه وان كانوا أصابوه بعد ما أحرزوه فهو فئ المسلمين وهو أحق بالشفعة قال الشيخ (ره) في كتاب الاستبصار والذي اعمل عليه انه أحق يعني ماله على كل حال وهذه الأخبار كلها على ضرب من التقية واستدل عليه بما رواه الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة عن علي بن رباب عم طرمال عن أبي جعفر (ره) قال سأل عن رجل كانت له جارية فاغر عليها المشركون فأخذوها منه ثم إن المسلمين بعد غزوهم فاخذوها فيما غنموا منهم فقال إن كانت في الغنايم فأقام البينة ان المشركين أغاروا عليهم فاخذوها منه ردت عليه فان كانت اشتريت وأخرجت من المغنم فاصابتها ردت عليه برستها وأعطي الذي اشتراها الثمن من المغنم من جميعه فان لم يصبها حتى تفرقت النس وقسموا الغنايم فأصابها بعد قال يأخذها من الذي هو في يده إذا أقام ويرجع الذي هي في يده على أمير الجيش بالثمن. فروع: الأول: قد بينا انه إذا جاء صاحب العين قبل القسمة كان أحق بها ولا يغرم الامام لأهل الغنيمة شيئا ولا نعرف فيه خلافا الا الزهري قال لا يرد إليه وهو للجيش ونحوه قال عمرو بن دينار واحتجا بان الكفار ملكوه باستيلائهم فصار غنيمة كتساو أموالهم وهو خطأ فانا قد بينا ان الكفار لا يملكون مال المسلم بالاستغنام وهو معارض بما تلوناه من الأحاديث . الثاني: إذا اخذ المال أحد الرعية نهبه أو سرقه أو باعه شئ فصاحبه أحق به بغير شئ قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يأخذه الا بالقيمة لما ما روى الجمهور ان قوما أغاروا على سرج النبي صلى الله عليه وآله فأخذوا ناقته وجارية من الأنصار فأقامت عندهم أياما ثم خرجت في بعض الليل قالت فما وضعت يدي على ناقة الا دعت حتى وضعتها على ناقة ذلول فامتطيتها ثم توجهت إلى المدينة و نذرت ان نجاني الله عليها ان انحرها فلما قدمت المدينة استعرف الناقة فإذا هي ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله فاخذها فقلت
(٩٥٥)