قال رسول الله صلى الله عليه وآله للغازي أجرة والجاعل عمل أجرة واجر الغازي وعنه عليه السلام قال مثل الذين يفرون من أمتي ويأخذون الجعل وينفرون به على عدوهم مثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ اجرها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن وهب عن جعفر عن أبيه عليه السلام ان عليا عليه السلام سأل عن الأجعال للغزو فقال لا بأس به ان يغزوا الرجل عن الرجل ويأخذ منه الجعل ولأنه امر لا يختص فاعله ان يكون من أهل الذمة فصح الاستيجار عليه كبناء المساجد ولو لم يتعين عليه الجهاد فجاز هذا فإذا حضر الأجير الحرب استحق الأجرة بالعقد واستحق السهم بالحضور ولو حضر المستأجر أيضا استحق بهما اخر لقوله عليه السلام الغنيمة لمن شهد الوقعة وعن أحمد روايتان أحدهما هذا والثانية انه لا يسهم للأجير لان غزوه بعوض فكأنه واقع من غيره فلا يستحق شيئا وهو ضعيف ومنقوض بالمرصد للقتال وقد سلف البحث في ذلك كله.
مسألة: لو كان له أجير فشهد معه الوقعة لم يخل حاله من أمرين أحدهما ان يكون قد استأجر مدة معلومة لخدمة أو لغيرها فالأولى إذا حضر الأجير الوقعة استحق السهم اجماعا لأنه حضر الوقعة وهو من أهل القتال وانما في ذمته حق لغيره فلا يمنعه من استحقاق السهم كما لو كان عليه دين والثاني مقتضى المذهب فيه أنه ان خرج باذن المستأجر تسحق السهم بالحضور وإلا فلا لأنه حكم عاص بالجهاد فلا يستحق به سهما اللهم الا ان يتعين عليه فإنه يستحق السهم إذا ثبت هذا فان السهم يملكه في الصورة التي قلنا باستحقاقه لها ليس للمؤجر عليه سبيل وللشافعي في الثاني أقوال ثلاثة أحدها انه يستحق السهم لقول النبي صلى الله عليه وآله الغنيمة لمن حضر الواقعة ولان الأجرة يستحق بالتملك من المنفعة والسهم يستحق بحضور الوقعة وقد وجد الثاني انه يرضح له ولا يسهم له لأنه قد حضر الوقعة مستحق المنفعة فوجب أن لا يسهم له كالعبد والثالث يجب الأجير من ترك الأجرة والاسهام وبين العكس لانت كل واحد من الأجرة والسهم يستحق بمنافعه ولا يجوز ان يستحقهما لمعنى واحد فإنهما طلب استحقه قال ويكون الأجرة التي يخير بينهما وبين السهم الأجرة التي يقابل هذا القتال ويعللها قبل القتال فيقال له ان أردت الجهاد فاقصده واخرج الأجرة وإن أردت الأجرة فاطرح الجهاد ويقال بد القتال ان كنت قصدت الجهاد أسهم لك وتركت الأجرة وإن كنت قصدت الخدمة أعطيت الأجرة دون السهم. فرع: إذا استؤجر للخدمة في الغزو ولو أكرى دوابه له ويخرج معهما وشهد الواقعة استحق السهم وبه قال الليث ومالك وابن المنذر وقال الأوزاعي وإسحاق لا يسهم له وعن أحمد روايتان لنا قوله عليه السلام الغنيمة لمن شهد الوقعة ولحديث سلمة بن الأكوع انه كان الأجير الطلحة حين أدرك عبد الرحمن بن عتيبة حين أغار شرح على رسول الله صلى الله عليه وآله فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله سهم الفارس والراجل. فرع: لو اجر لنفسه لحفظ الغنيمة أو سوق الدواب التي من المغنم أو رعيها جاز ذلك وحلت له الأجرة لأنه اجر نفسه لحاجة المسلمين ونفعهم فحلت له اجرته ولا يجوز له ركوب دابة المغنم الا إذا شرط ذلك في الإجارة. اخر: لو د قع إلى المستأجر فرسا يغزو عليها فالوجه انه لا يملكها بذلك وقال احمد يملكها به لنا ان الأصل به الملك على ربه وعدم زواله عنه الا بسبب وحمله على الفرس كا يحتمل العارية فينبغي الأصل سليما عن المعارض. مسألة: لو اشترى المسلم أسيرا من يد العدو ولم يخل حاله من أمرين أحدهما ان يشتريه باذنه يلزمه دفع ما اراده المشتري إلى البايع من الثمن اجماعا لأنه باذنه صار نايبا عنه في الشراء ووكيلا في ابتياع نفسه فيجب عليه دفع الثمن كغيره من الوكلاء والثاني انه يشتريه بغير اذنه فهذا لا يجب على الأسير دفع الثمن إلى المشتري وبه قال الثوري والشافعي وابن المنذر وقال مالك يجب عليه دفع الثمن كالأول وبه قال الحسن البصري والنخعي والزهري وأحمد بن حنبل لنا انه ينزع بالعطية ولم يأذن له فيما أداه فلا يجيب عليه دفع العوض كما لو عمر داره وقضاء دينه بغير امره احتج المخالف بما رواه الشعبي قال أغار أهل ماه وأهل حلولا على المغرب فأصابوا السبايا من سبايا العرب فكتب الثابت بن الأقرع إلى عمر في سبايا المسلمين ورقيقهم ومتاعهم قد اشتراه التجار من أهل ماه فكتب به عمر انما رجل أصاب رقيقه ومتاعه بعينه فهو أحق به من غيره وان اصابه في أيدي التجار بعد ما اقتسم فلا سبيل إليه وانما جرا اشتر آه التجار فإنه يرد السهم رؤس أموالهم فان الحر لا يباع ولا يشترى فحكم التجار برؤس أموالهم وان الأسير يجب عليه فداء نفسه ليتخلص من حكم الكفار فإذا أناب عنه غيره في ذلك وجب عليه قضاؤه كما لو قضاء الحاكم عنه حقا امتنع من أدائه والجواب عن الأول ان يكون التجار اشتروه بإذنهم على أن قول عمر ليس بحجة وعن الثاني بالفرق بين الامرين فان للحاكم الولاية على المماطل بالحبس بالبيع والأداء وغير ذلك بخلاف التاجر وهو ظاهر. فرع: لو اذن له في الشراء وأداء الثمن ثم اختلفا في قدره فالقول قول المشتري لنا ان الأسير منكر والقول قول المنكر مع يمينه ولان الأسير منكر الزيادة والأصل براءة ذمته منها فرجح قوله بالأصل احتج الأوزاعي بأنهما اختلفا في فعله وهو أعلم به والجواب المنع من ذلك وانما اختلفا في القدر المأذون فيه وهو فعل الأسير فهو أعلم. مسألة: أهل الحرب إذا استولوا على أهل الذمة فسبوهم واخذوا أموالهم ثم قدر عليهم المسلمون وجب ردهم إلى ذمتهم ولا يجوز استرقاقهم وهو قول عامة العلماء لا نعلم فيه مخالفا لان ذمتهم باقية لم ينقضوها فكانوا على أصل الحرية إذا ثبت هذا كانت أموالهم بحكم أموال المسلمين في حرمتها قال علي عليه السلام انما بذلوا الجزية ليكون دمائهم