أهليهم لأنهم بأمرهم بالخروج للمراوضة على الأمان أمنوهم ولهذا لو لم يتفق بينهم امر كان عليهم ان يردوهم إلى مأمنهم ولا يؤمنوا لهم سبي مسألة: لو قالوا أمنونا على ذريتنا فأمنوهم فهم آمنون وأولادهم وأولاد أبنائهم وان سلفوا لعموم اسم الذرية جميع هؤلاء وهل يدخل أولاد البنات في ذلك الوجه دخولهم لقوله تعالى ومن ذريته داود إلى قوله تعالى وعيسى ولم يكن ابن أبيه ولان الذرية اسم الفرع المتولد من الأصل الأب والأم أصلان في انجاب الولد بل التولد والتفرع من جانب الأم أرجح لان ماء الفحل يصير متعهد (كان في جمعهما) وانما يتولد الولد منها بواسطة ماء الفحل ولو قالوا أمنونا على أولادنا فهل تدخل أولاد البنات كما تدخل أولاد الذكور فيه بحث يأتي في باب الوصايا إن شاء الله تعالى. مسألة: ولو قالوا أمنونا على أخواتنا ولهم اخوة وأخوات فهم آمنون لان اسم الاخوة عند الاطلاق يتناول الذكور والإناث عند الاجماع قال الله تعالى وان كانوا اخوة رجالا ونساءا هذا من حيث الاستعمال وفي أصل الوضع الصيغة للذكور الا ان العرب عند الاجماع غلبوا الذكور على الإناث فأطلقوا اسم الذكور على الكل اما الأخوات بانفرادهن فلا يدخلن في الأمان لان الإناث بانفرادهن لا يتناولهن اسم الذكور وكذا لو قالوا أمنونا على أبنائنا دخل فيه الذكور والإناث ولا يتناول الإناث بانفرادهن الا إذا كان المضاف إليه أب القبيلة والمراد به النسبة إلى القبيلة ولو تقدم من المستأمن لفظ يدل على طلب الأمان لهن انصرف الأمان إليهن ولو كان بلفظ الذكور كما لو قال ليس لي الا هؤلاء البنات والأخوات فأمنوني على بني أو على اخوتي فالإناث آمنات مسألة: ولو قالوا أمنونا على أبنائنا ولهم اباء وأمهات دخلوا جميعا في الأمان لان اسم الاباء يتناول الاباء والأمهات فان الأمهات تسمى اباء قال الله تعالى ولأبويه لكل واحد منها السدس وقال وورثه أبواه وكذا لو كان ل أب وأمهات شتى لتناول الاسم والجميع من حيث الاستعمال وهل يدخل الأجداد في ذلك قال أبو حنيفة لا يدخلون لان اسم الأب لا يتناول الأجداد حقيقة ولا بطريق التبعية لأنهم أصول الاباء يختصون باسم خاص فلا يتناولهم اسم الاباء على وجه الاتباع لفروعهم والوجه دخولهم لان الأب يطلق عليه من حيث إنه أب الأب والإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة والصدق على سبيل التبعية في الاستعمال ولا ينحصر في التبعية في الوجود. مسألة: لو قالوا أمنونا على أبنائنا دخل فيه أبناء الأبناء أيضا لان الابن يتناول ابن الابن لأنه طلب الأمان مضافا إليه بالبنوة الا انه ناقض في الإضافة والنسبة إليه لأنه لا يضاف إليه بواسطة الابن لأنه متفرع ومتولد عنه بواسطة الابن والإضافة الناقضة كافية في اثبات الأمان لأنه يحتاط في اثباته لان موجبه حرمة الاسترقاق والشبهة ملحقة بالحقيقة في موضع الاحتياط بخلاف الوصية فان الشبهة فيها غير كافية في الاستحقاق لثبوت مزاحمة الوارث. مسألة: هذا كله انما هو بلسان العرب فالحكم متعلق به ما استعماله لكنا قد بينا ان صيغة الأمان يكفي فيها اي لغة كان فهو كان بعض اللغات يتناول بعض ما أخرجناه في بعض هذه الصور وطلب اللغة دخل فيه ما أخرجناه كذا لو اعتقد المشرك دخول من أخرجناه في الأمان حتى خرج بهم لم يجز التعرض لهم لأنهم دخلوا إلينا بشبهة الأمان فيردون إلى مأمنهم ثم يصيرون حربا. البحث السادس: في الأمان بالرسالة والكتابة. مسألة: ينبغي لأمير العسكر إذا أراد إنفاذ رسولا ان يختار لرسالته رجلا مسلما أمينا عدلا ولا يختار خاينا ولا ذميا ولا حربيا مستأمنا لأنه ركون إليه وقد قال تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ولأنه في حق المسلمين ولهذا أنكر عمر بن الخطاب على أبي موسى الأشعري لما امره ان يأمر كاتبه ان يدخل المسجد ليقرأ كتابه فقال إن كاتبي لا يدخل المسجد فقال أجنب هو؟ فقال لا ولكنه نصراني فقال عمر سبحان الله اتخذت بطانة من دون المؤمنين اما سمعت قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم حبا اي لا يقصرون في فساد أموالكم ولا نعرف في ذلك خلافا وينبغي ان يكون بصيرا بالأمور عارفا لمواقع أداء الرسالة لأنه ربما يرى مصلحة لم ينبه الأمير عليها فيفعل بحسبها. مسألة: إذا أرسل الأمير رسولا مسلما فذهب الرسول إلى امين المشركين فبلغه الرسالة ثم قال له اي ن أرسل على لساني إليك الأمان ولأهل ملتك فافتح الباب ثم ناوله كتابا صنعه على لسان الأمير وقوله بمحضر من المسلمين فلما فتحوا ودخل المسلمون وشرعوا في السبي قال لهم أمير المشركين ان رسولكم أخبرنا ان أميركم أمننا وشهد أولئك المسلمون على مقالته كانوا آمنين ولا يجوز سلبهم لان التميز بين الحق والاحتيال متعذر في حق المبعوث إليه إذ لا طريق له إلى الوقوف إلى حقيقة الرسالة وانما يتمكن من الاعتماد على خبر الرسول فيجعل ما أخبر به الرسول فإنه حق وصدق بعد ما يثبت رسالته لئلا تودي إلى الغرور في حقهم وهو حرام كما لو قال لهم الأمير ان هذا رسولي ثم اتاهم بأمان لكانوا آمنين فكذا هنا مسألة: لو أرسل الأمير إليهم من يخبرهم انه امنهم ثم رجع إليه فأحضره انه قد أدى الرسالة فهم آمنون وإن لم يكن يعلم المسلمون التبلغ لان الواجب هو البناء على الظاهر لا يمكن الوقوف على حقيقة والظاهر أن الرسول بعد ما دخل إليهم انه لا يخرج الا بعد التبليغ ولان وقل الرسول يتحمل الصدق فيثبت شبه التبليغ والأمان فيتحقق بشبهه ولو كتب من ليس برسول كتابا فيه أمانهم وقرأ عليهم وقال إني رسول الأمير إليكم لم يكن أمانا من جهته لأنه ليس للواحد من المسلمين ان يؤمن حصنا كثيرا ولا من جهة الامام لأنه ليس برسوله ولا غرور هنا لان
(٩١٨)