فأشبه بثياب الغال. الثاني: لا يحرق ثياب الغال التي عليه اجماعا لأنه لا يجوز تركه عريانا. الثالث: لا يحرق ما غل من الغنيمة اجماعا لأنه من غنيمة المسلمين بل يرد إلى الغنم اجماعا. الرابع: لا يحرق سلاحه لأنه يحتاج إليه القتال وهو منفعة للمسلمين عامة ولا يعقبه لأنه مما لا يحرق عادة. الخامس: جميع ما قلناه انه لا يحرق فإنه لصاحبه الا المغنوم فإنه يرد إلى الغنيمة ولذلك ما أبقت النار من حديد أو غيره فإنه لصاحبه لان ملكه كان ثابتا على قبل الاحراق فيستصحب الحكم يعتقد ان المزيل والمعاقبة باحراق المتاع لا يخرج المملوك مما لا يحرق عن ملكه. السادس:
لو كان معه شئ من كتب الأحاديث والعلم لا يحرق اما عندنا فظاهر واما عند المخالفة فلانه يقع يعود إلى الدين وليس القصد بالاحراق اصراره في دينه بل الاصرار به في شئ من الدنيا. السابع: لو لم يحرق رجله حتى اتحدت بمتاع اخر أو رجع إلى بلده لم يحرق منه شئ وعندنا لما تقدم وقال احمد يحرق ما كان معه حال الغلول وقد تقدم بطلانه. الثامن: لو مات لم يحرق رحله اجماعا اما عندنا فلما تقدم واما عند احمد فلانه عقوبة فيسقط بالموت كالحدود ولان الموت ناقل للمال إلى الورثة فاحراقه عقوبة على غير الحال فلا يكون مشروعا. التاسع:
لو باع متاعه أو وصيته أو نقله عنه لم يحرق اما عندنا فظاهر واما عند احمد فلانه انتقل إلى غيره فأشبه ما لو انتقل بالموت عنه إلى الوارث وقيل ينقص البيع والهبة ويحرق لأنه تعلق به حق سابق على البيع والهبة ولأنه تعلق به حق سابق على البيع والهبة فيقدم كالقصاص في حق الجاني وهو فاسد الأصل. العاشر: لو كان الغال صبيا لم يحرق متاعه اجماعا واما عندنا فظاهر واما عندهم فلان الاحراق عقوبة وليس الصبي من أهلها فأشبه الحد. الحادي عشر: لو كان الغال عبدا لم يحرق متاعه اجماعا اما عندنا فظاهر واما عند المخالفة فان المتاع لسيده فاحراقه عقوبة للسيد بجناية عبده وذلك غير سايغ ولو استهلك ما عليه فهو في رقبته لأنه في جنايته. الثاني عشر: لو غلت المراة أو ذمي لم يحرق متاعا عندنا وقال احمد يحرق متاعها لأنهما من أهل العقوبة ولهذا قطعا في السرقة ويحد في الزنا وهو مبني على الأصل الفاسدة فيكون فاسد. الثالث عشر: لو أنكر المغلول وذكر أنه اتباع ما يبده لم يحرق متاعه اجماعا اما عندنا فبالأصل واما عند احمد فلان الأصل عدم الغلول ولو ثبت الغلول بالاقرار أو البينة لم يحرق متاعه عندنا وعند احمد يحرق إذا شهد عدلان لان وقد مضى فساده. الرابع عشر:
لا يحرم الغال سهمه من الغنيمة سواء كان صبيا أو بالغا وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الرواية الأخرى يحرم سهمه وقال الأوزاعي ان كان صبيا حرم سهمه لنا ان سبب الاستحقاق وهو حضور الحرب قائم والفلول لا يصلح معارضا كغيره من أنواع الفسوق ولم يثبت حرمانه بخبر ولا قياس فيبقى على حالة الاستحقاق. الخامس عشر: إذا اخذ سهمه لم يحرق اجماعا اما عندنا فظاهر واما عند احمد فلانه ليس من رحله مسألة: إذا تاب الغال قبل القسمة وجب رد ما عليه في الغنم اجماعا لأنه حق لغيره فيجب عليه رده إلى أربابه ولو تاب بعد القسمة وكذلك وبه قال الشافعي وقال مالك إذا تاب بعد القسمة أدى خمسه إلى الامام وتصدق بالباقي وبه قال الحسن البصري والزهري والأوزاعي والثوري والليث وأحمد بن حنبل لنا انه مال لغيره فيجب رده إلى أربابه كما لو تاب قبل القسمة احتج المخالف بما رواه صفوان بن عمر وقال غزا الناس الروم وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فغل رجل مائة دينار فلما قسمت الغنائم ويعرف الناس بدم فاتي عبد الرحمن فقال قد غللت مائة دينار فاقبضها قال قد يعرف الناس فلن اقبضها حتى يوافي الله بها يوم القيامة فتي معاوية فذكر له فقال له مثل ذلك فخرج وهو يبكي فمر بعبد الله بن الشاعر فقال ما يبكيك فأخبره فقال إنا لله وإنا إليه راجعون أمطيعي أنت يا عبد الله قال نعم قال فانطلق إلى معاوية فقل له خذ مني خمسك واعطه عشرين دينارا وانظر إلى الثمانين الباقية فتصدق بها عن ذلك الجيش فان الله تعالى يعلم؟ ومكانهم وان الله يقبل التوبة عن عباده فقال معاوية حسبي والله لئن أكون أصبته بهذا أحب إلي من أن يكون مثل كل شئ أمسكت والجواب ان فعل معاوية ليس بحجة إذا عرفت هذا فان يمكن الامام من قسمته بين العسكر فعل لأنه حقهم وإن لم يتمكن ليعرفهم وكثرتهم وقلة المغلول فالوجه عندي اختيار مالك لان تركه يصنع له وتعطيل لمنفعته التي حلولها ولا يتحقق به شئ من اسم الغال وفي الصدقة به نفع لمن يصل إليه من المساكين وما يحصل من اجر الصدقة يحصل إلى صاحبه فيذهب به الاثم عن الغال فيكون أولى. مسألة: من سرق من الغنيمة شيئا فإن كان له نصيب من الغنيمة وسهمه منها فإن كان يقدر نصيبه أو أزيد بما لا يبلغ نصاب القطع لم يجب عليه القطع لأنه وإن لم يملكه لكن الشبهة الحاصلة له بالشركة درأت عنه الحد وان زاد عن نصيبه بمقدار النصاب الذي يجب فيه القطع وجب عليه القطع لأنه سارق فيدخل تحت قوله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما هذا إذا لم يعزل منه الخمس ولو عزل الامام الخمس ثم يسرق ولم يكن من أهل الخمس فإن كان من الخمس وجب القطع مطلقا وان كان من أربعة الأخماس كان الحكم فيه ما تقدم وللشافعي وجهان أحدهما إذا سرق أربعة الأخماس ما يزيد على نصيبه بمقدار النصاب وجب القطع عملا بالآية ولأنه لا شبهة له فيه والثاني لا يقطع لأنه حقه لم يتعين فلكل جزء مشترك بينه وبينهم فكان كالمال المشترك والأصل عندنا ممنوع إذ يجب القطع عندنا في السرقة من المال المشترك وسيأتي مع أنه قول الشافعي به رواية عندنا لكن التفصيل أولى. فروع: الأول: لو كان السارق عبدا فهو كالحر لأنه يرضخ له فإن كان ما سرقه أزيد فما يرضح بمقدار النصاب ووجب القطع