التقصير من جانبهم حيث عولوا على قول مجهول لم يعتقد بشهادته أحد من المسلمين ولا باعتبار الرسالة من الأمير في وقت من الأوقات والأمير غير متمكن من الاحتراز مثل هذا لأنه لا يعرف المفصل حتى يأمنه من الافتعال ولو ناداهم من صف المسلمين مسلم وهم قليلون فيصح أمان الواحد بهم اني رسول الأمير إليكم وانه أمنكم وأنتم آمنون كان ذلك أمانا من جهته لان من يملك الأمان إذا أخبر عمن يملك الأمان أمانا صحيحا أما إذا كان صدقا فظاهر لأنه يكون من جهة المخبر واما ان ككان كذبا فإنه يكون أمانا من جهة المخبر. مسألة: وهذا الأمان مع اقتضاء المصلحة سايغ على ما يأتي بشروط نذكرها إذا ثبت هذا فلو امنهم المسلمون لم يعتق رجلا لينبذ إليهم ويخبرهما انهم قد نقضوا العهد فجاء الرسول وذكر أنه أعلمهم لم يعرض لهم ويكونون آمنين حتى يعلمون بذلك شاهدين لأنه قد جاء لهم خبر داير بين الصدق والكذب وهو ليس بحجة في بعض العهد وان كان حجة في الأمان والفرق بينهما ان؟ يتعلق به إباحة السبي واستحلال الأموال والفروج والدماء ولا لا يثبت مع الشبهة وخبر الواحد لا ينفك عن الشبهة اما الأمان فيتعلق به حفظ الأموال وحراسة الأنفس وحصن الدماء وحرمة السبي والفروج وهو يثبت مع الشبهة فلو أعاد المسلمون عليهم فقالوا لم يبلغنا خبر رسولكم فالقول قولهم لأنهم أنكروا هذا الأمان والأصل بقصدهم فيصار إلى قولهم لان في وسع الامام ان يرسل إليهم رسولا ويشهد عليهم شاهدين ويسرهما معه اما لو كتب الامام إليهم نقض العهد وسيره مع رسوله وشاهدين فقراء بالعربية فاحتاجوا إلى ترجمان فترجم لهم بلسانهم وشهد الآخران عليهم ثم ادعوا ان الترجمان لم يخبرهم بنقض العهد بل أخبرنا ان الامام قد زاد في مدة الأمان لم يلتفت إليهم لان الامام اتي بما في وسعه من الاخبار بالنقض والشهادة وانما التقصير من قبلهم حيث اختاروا المترجم خاينا الا ان يعلم من حضر من المسلمين ان الترجمان قد خانهم فيقبل قولهم حالا. مسألة: قد بينا ان الرسول امين للحاجة الداعية إلى المراسلة التي لا يتم الا بأمان وسلمهم ولو تقدم فلو جاز الامام ان يكون الرسول قد رأى عورة المسلمين يدل عليها العدو جاز منعه من الرجوع وكذا يمنع الساحر لو انكشف على عورة ينبغي اخفاؤها عن المشركين ويجعل عليها حرسا يحرسونها نظرا للمسلمين ودفعا للعقبة عنهم ولو حضر قال واحتاج الامام إلى شغل الحرس وخاف انقلابهما جاز له ان يعتدهما حتى ينقضي الشغل للضرورة؟
للضرورة فيقدر بقدرها ولو لم يخف الامام منهما أبعدهما فان خاف من اللصوص فينبغي ان يرسل معهما من مبلغهما مأمنهما لقوله تعالى ثم أبلغه مأمنه ويجوز الاستيجار عليه من بيت المال وكذا مؤنتهما يكون من بيت المال في الموضع الذي يمنعهما من الرجوع لان ذلك كله لمصلحة المسلمين. البحث السابع:
في الأمان على حصن. مسألة: إذا حضر المسلمون حصنا فناداهم رجل آمنون افتح الحصن جاز ان يعطوه أمانا ولا نعلم فيه خلافا فإذا أمنوه لم يكن لهم نقض أمانه فان أشكل الذي أعطى الأمان وادعا كل واحد من أهل الحصن فان عرف صاحب الأمان عمل على ما عرف وإن لم يعرف لم يقبل واحد منهم لاحتمال صدق كل واحد وقد حصل أشباه المحرم من المحلل فيما لا ضرورة إليه فكان الكل حرام كما لو اشتبهت الأخت بالأجنبيات قال الشافعي ويحرم استرقاقهم لما ذكرنا في القتل فان استرقاق من لا يحل استرقاقه محرم وقال بعض الجمهور يقرع فيخرج صاحب الأمان فيسترق الباقون لان الحق الواحد وقد اشتبه فيقرع بينهم كما لو أعتق عبدا من عشرة عبيد ثم اشتبه ويخالف القتل لان الاحتياط في الدم أبلغ من الاحتياط في الاسترقاق قال الأوزاعي لو أسلم واحد من أهل الحصن قبل فتحه فاسترق علينا ثم أشكل فادعى كل واحد منهم انه الذي أسلم سعى كل واحد منهم في قيمة نفسه وترك له عشر قيمته. مسألة: لو قال اعقدوا الأمان على حصني على أن افتح لكم فأمنوه على ذلك فهو امن وأهل الحصن آمنون قالت الحنفية أموالهم كلها في الأمان بشرط فتح الباب لا يدخل فيه الأموال بالتنصيص ولا التبعية للنفوس لان لم يبق للمسلمين حكم فايدة في فتح الباب وانما قصد بذلك التوسل إلى (استئمان) أموالهم ولو قال اعقدوا لي الأمان على أهل حصني على أن أدلكم على طريق موضع كذا فقبلوا ففتحوا الباب فجمع النفوس والأموال يدخل في الأمان لان شرط الأمان هنا جزاء على الدلالة على فتح الباب فيكون كلامه بيانا انه أيديهم له ليتمكنوا في الفرار في حصنه مع أهل الحصن فيدخل الأموال تبعا للنفوس لأنه لا يمكنهم المقام فيه الا بالمال بخلاف الصورة الأولى لان في اشتراط فتح الباب دلالة على أن الذين يتناولهم الأمان غير مقرين بالسكني في الحصن وانما يدخل الأموال في الأمان لان التمكين من المقام يكون بالأموال وإذا انعدم السكنى لم يدخل الأموال في الأمان ولو قال اعقدوا لي الأمان على أن يدخلوا فيه فيصلوا دخل الأموال في الأمان لان في هذا تصريحا بفايدة فتح الباب وهو الصلاة فيه دون ارجاع أهله وقد دعت المسلمون في الصلاة في ذلك المكان اما لينتقل الخبر بان المسلمون صلوا جماعة في الحصن الفلاني فيدخل الرعب في قلوب المشركين أو ليكونوا قد عبدوا الله تعالى في مكان لا يعبد في ذلك المكان أهله ومكان العبادة شاهد للمؤمن يوم القيامة ول قال أمنوني قلعتي أو مدينتي فأمنوه دخل المال والأنفس فيه وان كان تنصيص الأمان انما هو عليهما لا غير لان المقصود من هذا الأمان بقاء القلعة والمدينة على ما كانتا عليه عرفا ويكون هو (المتصرف والمنقلب) وليس غرضه ابقاء غير القلعة أو المدينة مع افناء أهلها ونهب الأموال. مسألة:
لو قال أمنوني على ألف درهم من مالي على أن افتح لكم الحصن فهو امن على ما طلب ويكون الباقي؟ أو لم يف ماله بالألف لم يكن له زيادة على ماله