قال روى أصحابنا عن أحدهما (ع) أنه قال إذا كان في الرجل شجرة من شجر الحرم ولم ينزع فان أراد نزعها نزعها وكفر بذبح بقرة يتصدق بلحمها على المساكين لأنه ممنوع من اتلافه لحرمة الحرم فكان مضمونا كالصيد احتج ابن إدريس بالأصل براءة الذمة ولم يثبت شاغل لها وحديث ابن عباس وابن الزبير وعمر لم يثبت عندنا وحديث موسى بن القسم مرسل احتج مالك بان المحرم لا يضمن في الحل فلا يضمنه في الحرم كالزرع مسألة إذا قلنا بالضمان ضمن الكبيرة بقرة والصغيرة بشاة والحشيش بقيمته والغصن بأرشه وبه قال الشافعي واحمد وقال أصحاب الرأي يضمن الجميع بالقيمة لأنه لا يقدر فيه فأشبه الحشيش لنا رواية ابن عباس وابن الزبير وموسى بن القسم ولأنه أحد نوعي ما يحرم اتلافه فكان اتلافه فكان فيه مقدر كالصيد إذا ثبت هذا فلو قلع غصنا أو قلع حشيشا فعاد عرضه فالوجه بقاء الضمان لان الثاني غير لأول مسألة وحد الحرم الذي لا يجوز قبل صيده ولا قطع شجرة في بريد رواه الشيخ في الموثق عن زرارة قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول حرم الله حرمه بريد أفي بريد ان يختلا خلاه ويعضد شجره الإذخر ويصار طيره حرم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة ما بين لابيتها صيدها وحرم ما حولها بريدا في بريدان يختلا خلاها ويعضدها شجرها الا عودي الناصح إذا ثبت هذا فصيده وشجره مباح وهو واد بالطايف قاله علماؤنا واختاره احمد وقال أصحاب الشافعي هو محرم لان النبي صلى الله عليه وآله قال صيدوح (صيده) وعضاضها محرم لنا ان الأصل الإباحة وعدم شغل الذمة واجب أو عقوبة فنعمل به ما لم يظهر المنافي وحديث الشافعي رواه احمد في مسند وضعيفة فلا حجة فيه مسألة للمدينة حرم كحرم مكة لا يجوز قطع شجرة ولا قتل صيده ذهب إليه علماؤنا وبه قال احمد ومالك والشافعي وبه قال أبو حنيفة لا يحرم لنا ما رواه الجمهور عن علي (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله قال للمدينة حرم ما بين نور إلي غير ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان مكة حرم الله حرمها إبراهيم (ع) وان المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم لا يعضد شجرها وهو ما بين ظل عاير إلى ظل وعير وليس صيدها كصيد مكة تؤكل هذا ولا يؤكل ذلك وهو بريد وعن ابان عن أبي العباس قال قلت لأبي عبد الله (ع) حرم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة قال نعم بريدا في بريد عصاها قال قلت صيدها قال لا بل رب الناس قال الشيخ (ره) المراد من تخليل صيد الحرم المدينة انما هو ما بين البريد إلى البريد وهو ظل عاير إلى ظل وعير ويحرم ما بين الحرمين وبه يتميز صيدها هذا الحرم من حرم مكة لان حرم مكة يحرم في جميع الحرم وليس كذلك في حرم المدينة لان الذي يحرم منها هو القدر المخصوص واستدل عليه بما رواه في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله (ع) يحرم من الصيد صيد المدينة ما بين المحرمين وعن الحسن الصيقل عن أبي عبد الله (ع) قال كنت جالسا عند زياد بن عبد الله وعنده ربيعة الرأي فقاله زياد بن عبد الله ما الذي حرم رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة وقال بريد في بريد فقال أبو عبد الله (ع) لربيعة وكان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله اسأل فسكت فلم يجبني فمال على زياد فقال يا أبا عبد الله فما يقول أنت قلت حرم رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة ما بين لابتيها فقال وما لابتيها قلت ما أحاطت بيت الحرمان فقال وما الذي يحرم من الشجر قلت من وعير إلى وعير احتج أبو حنيفة بأنه لو كان لها حرم لنبيه رسول الله صلى الله عليه وآله بيانا عاما ولوجب منه الجزا كصيد الحرم والجواب ان النبي صلى الله عليه وآله بينه بيانا عاما على ما تقدم في حديث علي (ع) وروى تحريم المدينة أيضا أبو هريرة ورواه عبد الله بن زيد وأهل البيت (عل) على ما تقدم ورواه مسلم عن سعد وجابر وانس وهو يدل على تعميم البيان وسيأتي على أنه يمكن ان يكون قد بينه (ع) بيانا خاصة كفصول الأذان والإقامة فرع حرم المدينة ما بين لابتيها والملابسة الحرة والحرة الحجارة السودا روى الجمهور عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما بين لابيتها حرام إذا تنبت هذا فإنه بريد في بريد قاله احمد ومالك وروى الشيخ عن معاوية بن عمار عن الصادق (ع) عن أبي العباس عنه (ع) وروى الجمهور عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله جعل المدينة اثنى عشر ميلا كما قال الجمهور قول النبي صلى الله عليه وآله المدينة ما بين ثور إلي عير قال العلماء بالمدينة لا يفرق بها ثورا ولا عير أو انما هما جبلان بمكة ويحتمل ان يكون النبي صلى الله عليه وآله أراد وقدر ما بين ثور وعير ويحتمل انه أراد جبلين بالمدينة سماهما ثورا وعيرا قال الشيخ (ره) واعلم أن للمدينة حرما مثل حرم مكة وحده ما بين لابتيها وهو من ظل عاير إلى ظل وعير لا يختلا خلاها ولا يعضد شجر ها ولا بأس ان يؤكل صيدها الا ما صيد بين الحرمين وهذه عبارة روية فدل على دخول الحرمين وفي الظلين ولا تناقص الكلام في الأولى حينئذ ان يقال وحده من ظل وعير لا يعضد شجرها ولا بأس ان يوكل صيدها الا ما صيد بين الحرمين مسألة من فعل شيئا من ما حرم عليه في حرم المدينة من قتل صيد أو قطع شجر لم يكن عليه ضمان وهو قول أكثر أهل العلم وقال ملك والشافعي وفي الجديد وفي القديم عليه الجزاء وعن أحمد روايتان لنا الأصل براءة الذمة وعدم العقوبة ولا تحريم لا يستلزم الكفارة ولأنه موضع يجوز دخوله بغير احرام فلم يجب فيه جزاء الصيد وحينئذ احتج الشافعي بقول النبي صلى الله عليه وآله اني أحرم بالمدينة كما حرم إبراهيم مكة ونهى ان يعضد شجرها وقتل صيدها والجواب قد بينا ان التحريم لا يستلزم الجزاء إذا ثبت هذا وانه لا شئ عليه وقد قال الشافعي جزاؤه إباحة
(٧٩٩)