يجب عليها الاحرام لدخولها وبه قال ابن عباس وأبو حنيفة الا فيمن كانت داره أقرب إلى المواقيت إلى مكة فان أبا حنيفة جوز له دخولها من غير احرام وللشافعي قولان أحدهما مثل قولنا قاله في الامر وقال في سائر كتبه انه مستحب وأوجب أبو حنيفة الاحرام مطلقا لمن أراد دخولها سواء كان لقتال أو غيره بشرط ان يكون منزله وراء الميقات لنا عموم الأخبار الدالة على وجوب دخولها بإحرام خرج منها المتكرر دخوله للضرورة فيبقى الباقي على العموم ولأنه لو نذر دخولها وجب ان يكون محرما فلو كان مستحبا لم يجب بنذره الدخول واحتجاج الشافعي بالقياس على تحية المسجد باطل للفرق فان اشتركا في كونهما تحته مشروعة لدخول بقعة شريفة وفرق أبي حنيفة باطل لان المحرمة للحرم لا للميقات فان من مر بالميقات لا يريد الحرم لا يشرع له الاحرام فروع الأول المتكرر دخوله كالخطابة والرعاة قد بينا جواز دخولهم من غير احرام خلافا لأبي حنيفة ولا يجب عليهم الاحرام مطلقا إذا لم يريدوا النسك ولم يجب عليهم الحج وللشافعي قولان أحدهما مثل ذلك و الثاني وجوب الاحرام عليهم في كل سنة مرة لان في تركه استهانة بالحرم لنا الأصل براءة الذمة والاستهانة ممنوعة الثاني العبيد لا يلزمهم دخول الحرم بإحرام لان السيد لم يأذن لهم بالتشاغل بالنسك عن خدمته فإذا لم يجب عليهم حجة الاسلام لهذا المنع فعدم وجوب الاحرام لذلك أولى والبريد كذلك على اشكال الثالث من يجب عليه دخولها بإحرام لو دخلها بغيره لم يجب عليه القضاء وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة عليه ان يأتي بحجة أو عمرة فان فعل في سنته بحجة الاسلام أو منذورة أو عمرة منذورة أجزأه فكذلك عن عمرة الدخول استحبابا وإن لم يحج من سنته استقر القضاء لنا الأصل براءة الذمة من القضاء وانما يجب بأمر جديد ولم يوجد ولأنه مشروع لتحية البقعة فإذا لم تأت به سقط كتحية المسجد لا يقال تحية المسجد مستحبة بخلاف الاحرام لأنا نقول النوافل المرتبة ليست واجبة وانما سقطت لما ذكرناه قال ببعض الشافعية لو وجب القضاء تسلسل فان الدخول الثاني يجب لأجله أيضا احرام وما أتى به كان عما يقدم و هو خطأ لان الدخول إذا كان بإحرام كفاه سواء كان لأجله أو لأجله غيره كالصوم في الاعتكاف وكما لو أفسد القضاء فإنه لا يجب الا قضاء واحد قال القائلون بالتسلسل انما يجب القضاء في صورة واحدة وهو إذا ما دخل بغير احرام ثم صار خطابا فإنه يجب القضاء لأنه لا يتسلسل القضاء وقد بينا العلة في سقوط غير ذلك الرابع يجوز دخول مكة ليلة ونهارا وهو قول عامة العلماء وحكى عن عطا انه كره دخولها ليلا لنا الأصل سقوط التكليف إلى أن ثبت دليل ولم يثبت وقال اسحق دخولها نهار ا أولى وحكى هذا عن النخعي لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله دخل مكة حين ارتفعت الضحى وجوابه لما تقدم ومعارض بما روى أن النبي صلى الله عليه وآله دخلها في عمرة مبتولة الجعرانة ليلا وروى عن عايشه انها قالت دخل ليلا وإذا فعلها جميعا تساويا مسألة الحايض والنفساء يستحب لهما الاغتسال لدخول مكة ولا نعرف فيه خلافا لان رسول الله صلى الله عليه وآله امر عايشة لما حاضت افعلي ما يفعل الحاج غير أنه لا تطوفي في البيت ولان هذا الغسل انما يراد للتنظيف وهو يحصل مع الحيض مسألة وإذا أراد دخول المسجد الحرام اغتسل وقد تقدم بيانه ويستحب له ان يدخله على سكينة ووقار حافيا بخشوع وخضوع من باب بنى شيبه قيل لان هبل صنم مدفون تحت عتبة بن شيبه فسن الدخول منها ليطأوه بدخولهم ويدعو بما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دخلت المسجد الحرام فادخل حافيا على السكينة والوقار والخشوع وقال من دخله بخشوع غفر الله انشاء الله قلت ما بخشوع قال السكينة لا يدخله بتكبر فإذا انتهيت إلى باب المسجد فقم وقل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته بسم الله وبالله وما شاء الله والسلام على أنبياء الله ورسله والسلام على رسول الله والسلام على إبراهيم والحمد لله رب العالمين فإذا دخلت المسجد فارفع يديك واستقبله البيت وقل اللهم إني أسئلك في مقامي هذا في أول مناسكي ان تقبل توبتي وان تجاوز عن خطيئتي وتضع عني وزري الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام اللهم إني اشهد ان هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس وامنا مباركا وهدى للعالمين اللهم إني عبدك والبلد بلدك والبيت بيتك جئت اطلب رحمتك و طاعتك مطيعا لأمرك راضيا لقدرك أسئلك مسألة الفقير إليك الخايف لعقوبتك اللهم افتح على أبواب رحمتك واستعملني بطاعتك و مرضاتك ويستحب له ان يقف على باب المسجد وتدعو بما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال يقول على باب المسجد بسم الله وبالله ومن الله والي الله وما شاء الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله وخير الأسماء لله والحمد لله السلام على رسول الله السلام على محمد بن عبد الله السلام عليك أيها النبي ورحمة وبركاته السلام على أنبياء الله ورسله السلام على إبراهيم خليل الرحمن السلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اللهم صل على محمد وال محمد وبارك على محمد وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وعلى إبراهيم خليلك وعلى أنبيائك ورسلك وسلم عليهم وسلم على المرسلين والحمد لله رب العالمين اللهم افتح لي أبواب رحمتك واستعملني في طاعتك ومرضاتك واحفظني بحفظ الايمان ابدا ما أبقيتني جل ثناؤك وجهك الحمد الله الذي جعلني من وفده وزواره وجعلني ممن يعمر مساجده
(٦٨٩)