وقال ابن إدريس: وهذا الثاني هو الذي يقوى في نفسي وأعتقده وأفتي به، لأن شغل الذمة بواجب أو ندب يحتاج إلى دليل شرعي لأصالة براءة الذمة، والرواية مختلفة فوجب الرجوع إلى الأصل، ولأن الاحتياط يقتضي ذلك، لأن تارك الجهر تصح صلاته إجماعا، وليس كذلك الجاهر بالقراءة (1).
وما رواه ابن أبي عمير في الصحيح، عن جميل قال: سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن الجماعة يوم الجمعة في السفر، قال يصنعون كما يصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر، ولا يجهر الإمام إنما يجهر إذا كانت خطبة (2).
وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال: سألته عن صلاة الجمعة في السفر قال: يصنعون كما يصنعون في الظهر، ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة، إنما يجهر إذا كانت خطبة (3).
والجواب: إن شغل الذمة بالمندوب كما هو مناف للأصل، كذلك شغلها بوجوب الإخفات، بل هذا أزيد في التكليف. والروايتان تنافيان دعواه من استحباب الجهر مع الجماعة، ومعارضتان بما رواه الحلبي في الحسن، عن الصادق - عليه السلام - قال: سألته عن القراءة في الجمعة إذا صليت وحدي أربعا أجهر بالقراءة، فقال: نعم، وقال: إقرأ بسورة " الجمعة " و " المنافقين " يوم الجمعة.
وفي الصحيح عن عمران الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله - عليه السلام - يقول: وسئل عن الرجل يصلي الجمعة أربع ركعات أيجهر فيها بالقراءة، فقال: