ومن أمثلة ما يكون التزامه والاستمرار عليه من المحرمات: فعل المرجوحات وترك المباحات وفعل المستحبات كأن يشترط تقليم الأظفار بالسن أبدا، وأن لا يلبس الخز أبدا ولا يترك النوافل، فإن جعل المكروه أو المستحب واجبا، وجعل المباح حراما حرام إلا برخصة شرعية حاصلة من الأسباب الشرعية، كالنذر وشبهه فيما ينعقد فيه.
ويستفاد ذلك من كلام علي (عليه السلام) في رواية إسحاق بن عمار: من اشترط لامرأته شرطا، فليف لها به فإن المسلمين عند شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما، قال (قدس سره).
فإن قلت: إن الشرط كالنذر وشبهه من الأسباب الشرعية المغيرة للحكم، بل الغالب فيه هو ايجاب ما ليس بواجب، فإن بيع الرجل ماله أو هبته لغيره مباح. وأما لو اشترط في ضمن عقد آخر يصير واجبا، فما وجه تخصيص الشرط بغير ما ذكرته من الأمثلة. قلت الظاهر من تحليل الحرام وتحريم الحلال هو تأسيس القاعدة، وهو تعلق الحكم بالحل أو الحرمة ببعض الأفعال على سبيل العموم، من دون النظر إلى خصوصية فرد. فتحريم الخمر معناه منع المكلف عن شرب جميع ما يصدق عليه هذا الكلي، وكذا حلية المبيع، فالتزوج والتسري أمر كلي حلال، والتزام تركه مستلزم لتحريمه وكذلك جميع أحكام الشرع من التكليفية والوضعية وغيرها إنما يتعلق بالجزئيات باعتبار تحقق الكلي فيها، فالمراد من تحليل الحرام وتحريم الحلال المنهي عنه هو أن يحدث المشترط قاعدة كلية ويبدع حكما جديدا. وقد أجيز في الشرع البناء على الشروط إلا شرطا أوجب إبداع حكم كلي جديد مثل تحريم التزوج والتسري وإن كان بالنسبة إلى نفسه فقط.
____________________
{1} الثالث: ما عن المحقق القمي (رحمه الله) وقد جعله المصنف (رحمه الله) قريبا مما أفاده المحقق النراقي، مع أن بينهما بونا بعيدا.