لكن هذا لا يقدح في جريان حكمها عليه، بناء على عموم الحكم لكل بيع فعلي، فيكون إقباض أحد العوضين من مالكه تمليكا له بعوض، أو مبيحا له به، وأخذ الآخر له تملكا له بالعوض، أو إباحة له بإزائه.
فلو كان المعطي هو الثمن كان دفعه على القول بالملك والبيع اشتراء، وأخذه بيعا للمثمن به، فيحصل الإيجاب والقبول الفعليان بفعل واحد في زمان واحد.
ثم، صحة هذا على القول بكون المعاطاة بيعا مملكا واضحة، إذ يدل عليها ما دل على صحة المعاطاة من الطرفين. وأما على القول بالإباحة، فيشكل بأنه بعد عدم حصول الملك بها لا دليل على تأثيرها في الإباحة. اللهم إلا أن يدعى قيام السيرة عليها، كقيامها على المعاطاة الحقيقية.
____________________
رقبته بإعطائه ماله إلى المشتري. وأما من المشتري فلأنه ما صدر منه إلا الأخذ عن البايع، وهذا الفعل ليس فك ماله عن طرف خيطه وليس في البين قول ينشأ به تبديل طرف خيط المشتري. فما في طرف خيط المشتري بعد الإعطاء من طرف البايع باق بحاله ولم يتبدل عما هو عليه لا بالقول ولا بالفعل لا من البايع ولا من المشتري. فحينئذ فهذا الاعطاء في عالم الاعتبار لا يخلو، إما أن يكون فك ما في طرف الخيط الممدود على رقبة البايع وشده على طرف الخيط الممدود على رقبة المشتري، مع بقاء الخيط الممدود على طرف البايع أعني: الإضافة التي كانت بينه وبين المال على حاله أو يكون تسليطا للأخذ على المال بإيجاد السلطنة والإضافة له عليه الملازم مع انتفاء العلقة التي بين المالك الأول وبين المال. (ص 197)