فإن بذل لهم العدو تخلية الطريق وكانوا معروفين بالغدر جاز لهم الانصراف، وإن كانوا معروفين بالوفاء لم يجز لهم التحلل وعليهم المضي في إحرامهم.
فإن طلب العدو على تخلية الطريق مالا لم يجب على الحاج بذله قليلا كان أو كثيرا، ويكره بذله لهم إذا كانوا مشركين لأن فيه تقوية المشركين، فإن بذلوا ذلك لهم جاز لهم التصرف فيها لأنها كالهدية، وإن كان العدو مسلما لا يجب البذل، لكن يجوز أن يبذلوا ولا يكون مكروها.
وأما المحصور بالمرض وهو أن يمرض مرضا لا يقدر على النفوذ إلى مكة بعد إحرامه.
فإن كان قد ساق هديا بعث به إلى مكة ويجتنب هو جميع ما يجتنبه المحرم إلى أن يبلغ الهدي محله - ومحله منى يوم النحر إن كان حاجا، وإن كان معتمرا فمحله مكة قبالة الكعبة - فإذا بلغ الهدي محله قصر من شعر رأسه وحل له كل شئ إلا النساء - ويجب عليه الحج من قابل إن كان صرورة، وإن لم تكن صرورة كان عليه الحج قابلا استحبابا - ولم تحل له النساء إلى أن يحج في القابل أو يأمر من يطوف عنه طواف النساء إن كان متطوعا، فإن وجد من نفسه خفة بعد أن بعث هديه فليلحق بأصحابه، فإن أدرك مكة قبل أن ينحر هديه قضى مناسكه كلها وقد أجزأه وليس عليه الحج من قابل، وإن وجدهم قد ذبحوا الهدي فقد فاته الحج وكان عليه الحج من قابل. وإنما كان الأمر على ذلك لأن الذبح لا يكون إلا يوم النحر فإذا وجدهم قد ذبحوا فقد فاته الموقفان، وإن لحقهم قبل الذبح يجوز أن يلحق أحد الموقفين، فمتى لم يلحق واحدا منهما فقد فاته الحج.
وإن لم يكن ساق الهدي بعث بثمنه مع أصحابه ويواعدهم وقتا بعينه أن يشتروه ويذبحوه عنه ثم يحل بعد ذلك، فإن ردوا عليه الثمن ولم يكونوا وجدوا الهدي وكان قد أحل لم يكن عليه شئ ويجب أن يبعث به في العام القابل ويمسك عما يمسك عنه المحرم إلى أن يذبح عنه.