ويجوز أن يأكل لحم الصيد وينال النساء ويشم الطيب بعد الإحرام ما لم يلب، فإذا لبى حرم عليه جميع ذلك لأن الإحرام لا ينعقد إلا بالتلبية أو سياق الهدي أو الإشعار أو التقليد، فإنه إذا فعل شيئا من ذلك فقد انعقد إحرامه.
والإشعار أن يشق سنام البعير من الجانب الأيمن، فإن كانت بدنا كثيرة جاز له أن يدخل بين كل بدنتين ويشعر أحدهما من الجانب الأيمن والأخرى من الجانب الأيسر، ويشعرها وهي باركة، وينحرها وهي قائمة، ويكون التقليد بنعل قد صلى فيه.
ولا يجوز الإشعار إلا في البدن، وأما البقر والغنم فليس فيهما غير التقليد.
وإذا أراد المحرم أن يلبي، فإن كان حاجا على طريق المدينة فالأفضل أن يلبي إذا أتى البيداء عند الميل إن كان راكبا، وإن لبى من موضعه كان جائزا، والماشي يجوز له أن يلبي من موضعه على كل حال.
وإن كان على غير طريق المدينة لبى من موضعه إن شاء، وإن مشى خطوات ثم لبى كان أفضل.
والتلبية فريضة، ورفع الصوت بها سنة مؤكدة للرجال دون النساء.
والمفروض الأربع تلبيات، وهي قولك: لبيك اللهم لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك، وما زاد عليها سنة وفضيلة.
وأفضل ما يذكره في التلبية الحج والعمرة معا، فإن لم يمكنه - لتقية أو غيرها - واقتصر على ذكر الحج فإذا دخل مكة طاف وسعى وقصر وجعلها عمرة كان أيضا جائزا، وإن لم يذكر لا حجا ولا عمرة ونوى التمتع جاز، وإن لبى بالعمرة وحدها ونوى التمتع كان جايزا، وإذا لبى بالتمتع ودخل مكة وطاف وسعى ثم لبى بالحج قبل أن يقصر بطلت متعته وصارت حجة مبتولة إذا فعل ذلك متعمدا، وإن فعله ناسيا مضى فيما أخذ فيه وتمت متعته.
ومتى لبى بالحج مفردا ودخل مكة فطاف وسعى جاز له أن يقصر ويجعلها عمرة ما لم يلب بعد الطواف، فإن لبى بعده فليس له متعة ومضى في حجه.