ذكر في النية أنها إرادة إيجاد تخرج بها إرادة التروك والسر في أن الترك لا يحتاج إلى نية كونه واقعا على وجه واحد، فلم يحتج إلى مائز بخلاف الفعل الواقع على وجوه، فيحصل هنا قياس منتظم صغراه مذكورة، وهي أن طهارة الجنب كالترك، وكلما هو كالترك لا يحتاج إلى نية، فينتج أن طهارة الجنب لا تحتاج إلى نية.
أما الصغرى فلأن المقصود من طهارة الخبث هجران النجاسة وذلك ترك، والنية الإشارة بقوله تعالى: والرجز فاهجر وثيابك فطهر، على ما ذكره بعض المفسرين، والغسل ذريعة إلى هذا الترك، فكان الغسل كالترك لاستلزامه إياه.
وأما الكبرى فيستدل عليها بأن يقال: هذا يشبه الترك، وكلما يشبه الترك حكمه حكمه، أما الصغرى فلما تقرر وأما الكبرى فلإلحاقهم الشبيه بالشبيه أما للنص على علته أو لاتحاد طريق المسألتين وأما أن الترك لا يحتاج إلى نية فقد تقدم، وفي ذلك تنبيه على متعلق النية من العبادة.
والقسمة الحاضرة أنها إما فعل محض أو شبه من الأفعال، وهذان لا يجب فيهما النية، وقد أبرزها هنا قسما خامسا وهو كالصلاة والإحرام، فإن الخطاب واقع في الصلاة بأن يفعل وأن يترك، وكذا في الإحرام إلا أن المقصود فيهما بالذات متعاكس، فحينئذ الترك في الصلاة واقع بالقصد الذاتي، كما أن الفعل في الإحرام واقع بالقصد الثاني، ومن ثم أوجب أكثر المتأخرين في أفعال النية الجديدة لبعد استتباع الترك الفعل.
قوله: فإن اقتصر على رفع الحدث فالأقوى البطلان، له صور ثلاث:
أ: أن ينوي الاستباحة فيصح لقوله: وإنما لكل امرئ ما نوى، وقد توجهت النية إلى أمر ممكن، هذا عند كل من يشترط الضم، وأما من شرط كأبي الصلاح فإنه يمكن ذلك على قوله، لأن الاشتراط إنما هو للممكن ويمكن المنع، ويحمل على ما قبل الوضوء من الأحداث ليجري مذهبه على قاعدة واحدة.