وأول وقت صلاة الفجر طلوع الفجر الثاني وآخره ابتداء طلوع قرن الشمس، يدل على ذلك ما ذكرناه من الاجماع المشار إليه وأيضا قوله تعالى: أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا. لأن الظاهر يقتضي أن وقت الظهر والعصر يمتد من دلوك الشمس إلى غسق الليل ولا يخرج من هذا الظاهر إلا ما أخرجه دليل قاطع، ودلوك الشمس ميلها بالزوال إلى أن تغيب بلا خلاف بين أهل اللغة والتفسير في ذلك، يقال: دلكت الشمس إذا مالت، ويدل على ما اخترناه أيضا قوله:
أقم الصلاة طرفي النهار، والمراد بذلك الفجر والعصر وهذا يدل على أن وقت العصر ممتد إلى أن يقرب الغروب لأن طرف الشئ ما يقرب من نهايته، وجعل المخالف آخر وقت العصر مصير ظل كل شئ مثليه ويقرب من وسط النهار ولا يقرب من نهايته، وأيضا فإن الصلاة قبل وقتها لا تكون مجزئة لأنها غير شرعية.
وجواز صلاة العصر بعرفة عقيب الظهر بالاتفاق دليل على أن ذلك هو أول وقتها، ويحتج على المخالف بما رواه ابن عباس أنه ص جمع بين الصلاتين في الحضر لا لعذر، لأنه يدل على اشتراك الوقت وحملهم ذلك على أنه ص صلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها غير صحيح، لأن ذلك ليس بجمعه بين الصلاتين وإنما هو فعل لكل صلاة في وقتها المختص بها، وفي الخبر ما يبطل هذا التأويل وهو قوله:
لا لعذر، لأن فعل الصلاة في وقتها المختص بها لا يفتقر إلى عذر، وبما روي من قوله ص: من فاتته صلاة العصر حتى غربت الشمس فكأنما وتر أهله وماله، فعلق الفوات بالغروب وهذا يدل على أن ما قبله وقت الأداء، وبما روي من قوله ص:
لا يخرج وقت صلاة حتى يدخل وقت صلاة أخرى لأنه يدل على أن وقت العصر لا يخرج حتى يدخل وقت المغرب.
فإن قيل: أ ليس قد ذهب بعض أصحابكم إلى أن آخر وقت الظهر أن يصير ظل كل شئ مثله؟ وآخر وقت العصر أن يصير ظل كل شئ مثليه وآخر وقت المغرب غيبوبة الشفق وهو الحمرة؟ ووردت الرواية بذلك عن أئمتكم وهذا يقتضي خلاف ما ذكرتموه فكيف تدعون إجماع الإمامية؟