وضوء آخر للفريضة الثانية، ولا يجمع بين صلاتين بوضوء واحد لأنه محدث في جميع أوقاته وإنما لأجل الضرورة ساع له أن يصلى الفريضة مع الحدث.
ومن به سلس الثفل فحكمه حكم من به سلس البول وهو على ضربين كما بيناه، فإن كان الحدث تتراخى أوقاته فعل كما رسمناه لمن به سلس البول على تراخي الأوقات، وإن كان ما به تتوالى أوقاته ويحدث على الاتصال توضأ عند دخوله في الصلاة وشد وجعل على الموضع تحت الشداد كرسفا وخرقا وأوثق المكان وعمل في ذلك بما شرحناه في حكم المستحاضة، ومضت صلاته بحسب الإمكان إلا أنه ليس ممن يجب عليه الغسل بحسب ما أوجبناه على المستحاضة في الأوقات التي ذكرناها وبينا الحكم فيها على التفصيل والبيان لأن القياس عندنا باطل بغير خلاف، وإنما يجب عليه بعد فراغه من الصلاة تطهير الموضع بعينه وما لقيته النجاسة من أعضائه وثيابه دون ما سواها من سائر جسده إذ لا طهارة عليه بما قدمناه وإنما طهارته وضوء الصلاة ثانيا وإزالة النجاسة عما لاقته من الأعضاء واللباس.
ومن كانت حاله في البلوى بالحدث ما ذكرناه من تواليه وعدم تمكنه من ضبطه فليخفف الصلاة ولا يطلها وليقتصر فيها على أدنى ما يجزئ المصلي عند الضرورة من قراءة القرآن والتسبيح والتشهد والدعاء، ويجزئه إذا كانت حاله ما وصفناه أن يقرأ في الأوليين من فرضه فاتحة الكتاب خاصة وفي الأخريين بالتسبيح يسبح في كل ركعة منها أربع تسبيحات، فإن لم يتمكن من التسبيحات الأربع لتوالي الحدث منه فليقتصر على دون ذلك من التسبيح في العدد، ويجزئه منه تسبيحة واحدة في قيامه ومثلها في سجوده، وفي التشهد ذكر الشهادتين خاصة والصلاة على محمد وآله في التشهدين معا لا بد منه ويصلى على أحوط ما يقدر عليه في بدار الحدث من جلوس أو اضطجاع، وإن كان صلاته بالإيماء أحوط له في حفظ الحدث ومنعه من الخروج صلى مومئا على ما قدمناه ويكون سجوده أخفض من ركوعه في الصلاة بالإيماء، وإذا كان الشد لموضع الحدث على ما أسلفنا القول بوصفه يضر بالإنسان ضررا يخاف معه الهلاك أو ما يعقبه الهلاك أو طول المرض لم يلزمه ذلك واحتاط في حفظ لباسه منه وصلى على ما يتمكن منه ويتهيأ له من الأفعال والهيئات التي يكون عليها في