من سلم في غير موضع التسليم ناسيا ثم تكلم بعد سلامه متعمدا لأن عمده هاهنا في حكم السهو لأنه لو علم أنه في الصلاة بعد لم يتكلم فيجب عليه البناء على صلاته، على الصحيح من أقوال أصحابنا، وروي خلاف ذلك والعمل على ما قدمناه إلا أن يكون في الحال التي أخذ فيها ليزيل الدم أحدث ما ينقض الطهارة فيجب عليه الاستئناف عامدا كان أو ناسيا.
وعلى المصلي أن يدرأ هذه العوارض ما استطاع، فإذا غلبت وقهرت فالحكم ما ذكرناه، فإن كان ذلك العارض مما ينقض الطهارة كان على المصلي إعادة الصلاة سواء كان فعله الناقض للطهارة متعمدا أو ناسيا في طهارة مائية أو ترابية على الأظهر من المذهب.
وبعض أصحابنا يقول: يعيد الطهارة ويبني على صلاته، والصحيح الأول يعضد ذلك دليل الاحتياط فإن الصلاة في الذمة بيقين فلا تسقط عنها إلا بيقين مثله، وقد علمنا أنه إذا أعاد الصلاة من أولها فقد تيقن براءتها وليس كذلك إذا بنى على ما صلاة منها فإن ذمته ما برئت بيقين، وإذا أعاد فقد برئت بيقين فوجبت الإعادة. وأيضا ما روي عنه ع من قوله: إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في الصلاة فينفخ بين أليتيه فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا، وهذا المحدث الذي كلامنا فيه قد سمع الصوت ووجد الريح فيجب انصرافه عن الصلاة، فإن قال المخالف: نحن إذا أوجبنا عليه أن ينصرف من الصلاة ويتوضأ ثم يبني على ما فعله فقد قلنا بموجب الخبر، قلنا: الخبر يقتضي انصرافا عن الصلاة وأنتم تقولون:
إنه ما انصرف عنها بل هو فيها وإن تشاغل بالوضوء، وأيضا، فقد روي بالتواتر عن النبي ع أنه قال: لا صلاة إلا بطهور، ومن سبقه الحدث فلا طهور له فوجب أن لا يكون في الصلاة وأن يخرج لعدم الطهور عنها.
وقد روي أيضا عنه ع أنه قال: إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف وليتوضأ وليعد صلاته، فإن قيل: نحمل هذا الخبر على العمد قلنا: يحتمل العمد وغير العمد ولا يجوز أن تخصه إلا بدليل وظاهر الأمر الوجوب ولا نحمله على الاستحباب إلا بدليل.
والتبسم الذي لا يبلغ حد القهقهة لا يقطعها، ويرد المصلي السلام إذا سلم عليه قولا