عليها إلا بدلالة.
والأفضل أن لا يؤذن الانسان إلا وهو على طهر فإن أذن وهو على غير طهارة أجزأه، ولا يقيم إلا وهو على طهر، والأفضل أن لا يؤذن الانسان وهو راكب أو ماش ويتأكد ذلك في الإقامة، وكذلك الأفضل أن لا يؤذن الانسان ووجهه إلى غير القبلة ويتأكد ذلك في الشهادتين و كذلك في الإقامة، ويكره الكلام في حال الأذان ويتأكد ذلك في حال الإقامة، فإن تكلم بين فصول الأذان فلا يستحب له إعادته، وإن تكلم بين فصول الإقامة فالمستحب له إعادتها، وإذا قال: قد قامت الصلاة، فقد حرم الكلام على الحاضرين.
يعني بقوله " حرم " يكره الكلام على الحاضرين كراهية شديدة لا أنه محظور حرام لأن الحظر يحتاج إلى دليل قاطع للعذر، وإنما إذا كان الشئ شديد الكراهة أتوا به على لفظ الحظر والحرام، وكذلك إذا كان الشئ على جهة الاستحباب المؤكد أتوا به على جهة الوجوب إلا بما يتعلق بالصلاة من تقديم إمام أو تسوية صف.
والترتيب واجب في الأذان والإقامة فمن قدم حرفا منه على حرف رجع فقدم المؤخر وأخر المقدم منه، فإن قيل: عندكم أن الأذان والإقامة مندوبان ومع ذلك فالترتيب فيهما واجب، قلنا: غرضنا بما قلنا من وجوب الترتيب مع كون الأذان مندوبا إليه أن من أتى بهما غير مرتبين يستحق الإثم، غير إنا نقول: استحقاقه الإثم ليس هو بسبب أنه أخل بواجب عليه فعله وإنما هو بسبب ارتكابه بدعة وشيئا غير مشروع باعتبار أنه لو ترك الأذان والإقامة وجميع صفاتهما فإنه لا يستحق بذلك إثما، فانكشف بذلك أن استحقاق الإثم فيهما إذا فعلا غير مرتبين إنما هو بارتكاب البدعة لا بالإخلال بالواجب.
ولا يجوز التثويب في الأذان، اختلف أصحابنا في التثويب ما هو؟ فقال قوم منهم: هو تكرار الشهادتين دفعتين، وهذا هو الأظهر لأن التثويب مشتق من ثاب الشئ إذا رجع، وأنشد المبرد لما سئل عن التأكيد فقال:
لو رأينا التأكيد خطة عجز ما شفعنا الأذان بالتثويب.
وقال قوم منهم: التثويب هو قول: الصلاة خير من النوم، وعلى القولين لا يجوز فعل ذلك