المقدس وصلاتهم إلى الكعبة ورابعها: أن لكل قوم من المسلمين وجهة وراء الكعبة أو قدامها أو عن يمينها أو عن شمالها.
والوجهة: القبلة، و " موليها " في قول مجاهد مستقبلها، وقيل في تكرار قوله: " فول وجهك " أنه لما كان فرضا نسخ ما قبله كان من مواضع التأكيد لينصرف الناس إلى الحالة الثانية بعد الحالة الأولى ويثبتوا عليه على يقين.
وقيل في تكرير قوله: " ومن حيث خرجت " (أن الاختلاف لاختلاف المعنى وإن اتفق اللفظ لأن المراد بالأول من حيث خرجت) منصرفا عن التوجه إلى بيت المقدس فول وجهك شطر المسجد الحرام، والمراد بالثاني أين كنت من البلاد فتوجه نحو المسجد الحرام مستقبلا كنت لظهر القبلة أو وجهها أو يمينها أو شمالها.
وفي قوله: وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره، محذوف واجتزئ بدلالة الحال عن دلالة الكلام، قال الزجاج: عرفتكم ذلكم لئلا يكون لأهل الكتاب حجة لو جاء على خلاف ما تقدمت به البشارة في الكتب السالفة من أن المؤمنين سيوجهون إلى الكعبة، " إلا الذين ظلموا " استثناء منقطع، أي لكن الظالمين منهم يتعلقون بالشبهة ويضعونها موضع الحجة، فلذلك حسن الاستثناء، وهو كقوله: ما لهم به من علم إلا اتباع الظن.
باب ستر العورة:
وذكر المكان واللباس مما يجوز الصلاة عليه وفيه وذكر الأذان والإقامة ستر السوءتين على الرجال مفروض وما عدا ذلك مسنون وعلى النساء الحرائر يجب ستر جميع البدن، قال تعالى: خذوا زينتكم عند كل مسجد، يعني ألبسوا لباسا مأمورا به عند كل صلاة مع التمكن. والزينة هاهنا - باتفاق المفسرين - ما يوارى به العورة، قالوا: أمر الله بأخذ الزينة، ولا خلاف أن التزين ليس بواجب والأمر في الشريعة على الوجوب فلا بد من حمله على ستر العورة، ويدل عليه أيضا قوله: يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري