سوءاتكم وريشا ولباس التقوى، قال علي بن موسى القمي: دل ذلك على وجوب ستر العورة وقال غيره: إنما يدل ذلك على أنه أنعم عليهم بما يقيهم الحر والبرد وما يتجملون به. ويصح اجتماع القولين. وإنما قال: أنزلنا عليكم لباسا، لأن ما يتخذ هو منه ينبت بالمطر الذي ينزل من السماء وهو القطن والكتان وجميع ما ينبت من الحشيش والرياش الذي يتجمل به.
و " لباس التقوى " هو الذي يقتصر عليه من أراد التواضع والنسك في العبادة من لبس الصوف والشعر والوبر والخشن من الثياب، وقيل: هو ما يكون مما ينبت من الأرض وشعر وصوف ما يؤكل لحمه من الحيوان، وقيل التقدير: ولباس التقوى خير لكم إذا أخذ تم من الريش وأقرب لكم إلى الله منه، والريش ما فيه الجمال كالخز الخالص ونحوه مما أباحه الله ومنه ريش الطائر. والحمل على جميع ذلك أولى لفقد الاختصاص، فالحرير الخالص غير محرم على النساء على حال وإذا كان مخلطا بالقطن ونحوه فللرجال أيضا حلال.
فصل:
وهذه الآية خطاب من الله تعالى لأهل كل زمان من المكلفين على ما يصح ويجوز من وصول ذلك إليهم كما يوصي الانسان ولولده وولد ولده وإن نزلوا بتقوى الله وإيثار طاعته.
ويجوز خطاب المعدوم، بمعنى أن يراد بالخطاب إذا كان المعلوم أنه سيوجد وتتكامل فيه شرائط التكليف، ولا يجوز أن يراد من لا يوجد لأن ذلك عبث لا فائدة فيه، على أن الآية كانت خطابا للمكلفين الموجودين في ذلك الزمان ولكل من يكون حكمهم حكمه.
وقوله تعالى: يواري سوءاتكم، أي يستر ما يسوؤكم انكشافه من الجسد، لأن السوءة ما إذا انكشف من البدن يسوء والعورة ترجع إلى النقيصة في البدن.
وقوله: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد، أي تناولوا زينتكم وهي اللبسة الحسنة، ويسمى ما يتزين به زينة من الثياب الجميلة ونحو ذلك، قال الزجاج: هو أمر بالاستتار في الصلاة. قال أبو علي: ولهذا صار التزيين للجمع والأعياد سنة، وقال مجاهد: هو ما وارى العورة ولو عباءة.
وقوله: عند كل مسجد، عن أبي جعفر ع في الجمعات والأعياد، عن ابن