أبي العالية، والتحويلة على قول ابن عباس وهو الأقوى لأن القوم إنما ثقل عليهم التحول لا نفس القبلة، وعلى قول ابن زيد الصلاة.
و " ما كان الله ليضيع إيمانكم " في معناه أقوال: قال ابن عباس: لما حولت القبلة قال ناس كيف أعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا الأولى وكيف بمن مات من إخواننا قبل ذلك فأنزله الله، وقال الحسن: إنه لما ذكر ما عليهم من المشقة في التحويلة أتبعه بذكر ما لهم من المثوبة، وأنه لا يضيع ما عملوه من الكلفة فيه، لأن التذكير به يبعث على ملازمة الحق والرضا به. الثالث: قال البلخي: إنه لما ذكر إنعامه عليهم بالتولية إلى الكعبة ذكر السبب الذي استحقوه به، وهو إيمانهم بما حملوه أولا فقال " وما كان الله ليضيع إيمانكم " الذي استحققتم به تبليغ محبتكم في التوجه إلى الكعبة.
فإن قيل: كيف جاز عليهم الشك في من مضى من إخوانهم فلم يدروا أنهم كانوا على حق في صلاتهم إلى بيت المقدس.
قلنا: الوجه فيه أنهم تمنوا وقالوا: كيف لإخواننا لو أدركوا الفضل بالتوجه إلى الكعبة معنا فإنهم أحبوا لهم ما أحبوا لأنفسهم وكان الماضون في حسرة ذلك أو يكون قال ذلك منافق فخاطب الله المؤمنين بما فيه الرد على المنافقين، وإنما جاز أن يضيف الإيمان إلى الأحياء على التغليب لأن من عادتهم أن يغلبوا المخاطب على الغائب كما يغلبون المذكر على المؤنث فيقولون " فعلنا بكما وبلغنا كما " وإن كان أحدهما حاضرا والآخر غائبا.
فصل:
ثم قال تعالى: قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها، قال قوم: إن هذه الآية نزلت قبل التي تقدمتها وهي قوله: " سيقول السفهاء ".
فإن قيل: لم قلب النبي ع وجهه في السماء؟
قلنا: عنه جوابان:
أحدهما: أنه كان وعد بالتحويل عن بيت المقدس فكان يفعل ذلك انتظارا وتوقعا لما وعد به.