التوجه إليه فهو خلاف الاجماع.
فصل:
وقوله تعالى: وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره، روي عن الباقر والصادق ع أن ذلك في الفرض، وقوله: فأينما تولوا فثم وجه الله، قالا: هو في النافلة.
وعن الباقر ع: لما حولت القبلة إلى الكعبة أتى رجل من عبد الأشهل من الأنصار وهم قيام يصلون الظهر قد صلوا ركعتين نحو بيت المقدس فقال: إن الله قد صرف رسوله نحو البيت الحرام فصرفوا وجوههم نحوه في بقية صلاتهم.
" وإنه للحق من ربك " الهاء يعود إلى التحويل وقيل: التوجه إلى الكعبة لأنه قبلة إبراهيم وجميع الأنبياء.
وعن عطاء في قوله: فول وجهك شطر المسجد الحرام الحرم كله مسجد وهذا مثل قول أصحابنا: إن الحرم قبلة من كان نائيا عن الحرم من الآفاق، واختلف الناس في صلاة النبي ع إلى بيت المقدس: (فقال قوم كان يصلى بمكة إلى الكعبة فلما صار بالمدينة أمر بالتوجه إلى بيت المقدس) سبعة عشر شهرا ثم أعيد إلى الكعبة، (وقال قوم كان يصلى بمكة إلى البيت المقدس إلا أنه كان يجعل الكعبة بينه وبينه ثم أمره الله بالتوجه إلى الكعبة).
فإن قيل: كيف قال: ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك، وقد آمن منهم خلق كثير؟
قلنا: عن ذلك جوابان: أحدهما قال الحسن: إن المعنى أن جميعهم لا يؤمن، والثاني: أنه مخصوص بمن كان معاندا من أهل الكتاب دون جميعهم الذين وصفهم الله تعالى: يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.
وقوله: ولئن اتبعت أهواءهم، معناه الدلالة على فساد مذاهبهم وتبكيتهم بها، وقوله:
وما أنت بتابع قبلتهم، أي ليس يمكنك استصلاحهم باتباع قبلتهم لاختلاف وجهتهم لأن النصارى يتوجهون إلى المشرق واليهود إلى المغرب، فبين الله أن إرضاء الفريقين محال.
وقيل: أنه لما كان النسخ مجوزا قبل نزول هذه الآية في القبلة أنزل الله الآية ليرتفع ذلك