قد يتصور أن رواية بريد تدل على أن البينة مقدمة على القسامة، إذ جاء فيها:
" فإن لم تجدوا شاهدين، فأقيموا قسامة خمسين رجلا "، ولكن الترتيب بينهما بعيد، إذ هذا يعني أن من لا يمتلك البينة ويأتي بالقسامة، تثبت دعواه، ومن يمتلك البينة، ولكن لا يقيمها لصعوبة في الحضور على البينة مثلا وأسهلية القسامة فيأتي بالقسامة لا تثبت دعواه، بينما الثاني أقرب إلى الصدق من الأول. هذا مضافا إلى أن تعين إقامة البينة على المدعي مع الإمكان، وعدم وصول النوبة إلى القسامة عند إمكانية إقامة البينة خلاف صريح ما ورد من أن المدعي في باب الدم عليه القسم لا البينة.
فالصحيح هو التخيير، وحمل رواية بريد على أن النبي (صلى الله عليه وآله) طالب المدعين أولا بأحد فردي التخيير في مقام إثبات الدعوى، ثم بعدله الآخر.
البند الثاني - هل هناك ترتيب بين بينة المتهمين وقسامتهم، فليس لهم الاكتفاء بالحلف مع إمكانية إقامة البينة، أوهم مخيرون بينهما؟ المفهوم من الجمع بين روايات قسامة المتهمين ورواية أن البينة في الدم على المتهم هو أنهما في عرض واحد، على أن الطولية مستبعدة بالنكتة التي شرحناها في البند الأول.
البند الثالث - يفهم من الروايات أن حلف المتهمين يكون في الرتبة المتأخرة عن بينة وحلف المدعي، كما هو واضح من رواية مسعدة: " كان أبي (رضي الله عنه) إذا لم يقم القوم المدعون البينة على قتل قتيلهم، ولم يقسموا بأن المتهمين قتلوه، حلف المتهمين... " ولا ينافي ذلك ما في بعض نقول (1) قصة الأنصاري الذي قتل بين أظهر اليهود من اقتراح الرسول (صلى الله عليه وآله) أولا تحليف اليهود، وبعد امتناع الأصحاب عن ذلك لكونهم كفارا لا يتحرزون عن الحلف الكاذب ضدهم طالبهم بالحلف، فلو كان