لزم من ذلك كون المنكر هنا أشد حالا من المدعي في سائر الموارد.
الثاني - أن يقال: إن اتهام العامل جعل هنا أمارة شرعية على خيانته أو إتلافه، فأصبح كلامه خلاف الحجة، إذن هو مدع، وليس منكرا، وعليه البينة، فإن لم يمتلك تصل النوبة إلى حلفه، لأن المنكر هنا ينكل عن القسم لعدم الجزم.
ولو تم هذا الاحتمال، لكان لازمه أن من حق المنكر شرعا أن يعمل وفق إنكاره قبل المرافعة وقبل أن يطالبه ببينة أو يمين، وذلك بأن يقتص منه بأخذ شئ من ماله قهرا عليه، كما هو الحال في كل منكر، فإنه يجوز له أن يجري في عمله وفق إنكاره إلى أن يلزم بحكم القاضي في صالح المدعي، فعندئذ يجب عليه التنازل عن رأيه رغم علمه بصحة رأيه. وهذه - كما ترى - مؤونة زائدة لم تدل عليه هذه الروايات.
الثالث - أن يقال: إن فرض كون العامل منكرا إنما يكون في ما إذا علم بالتلف وشك في إتلاف العامل إياه، ولكن لا إشارة في هذه الروايات إلى العلم بالتلف، فلا يبعد أن يكون المقصود هو أن من المحتمل بقاء العين، وعليه فالعامل الذي يدعي التلف يكون مدعيا - وليس منكرا - وعليه البينة، فإن لم تكن له البينة وصلت النوبة إلى يمين المنكر، وبما أن المنكر ينكل عن اليمين لعدم جزمه يرد اليمين على المدعي. وعليه فجعل السيد الخوئي لهذا المورد استثناء عن قاعدة لزوم كون المدعي جازما في دعواه غير صحيح.