الحلف عليهم حتى بعد العجز عن تحصيل العدد المطلوب بأن يقال: إنه لو جاز الاكتفاء بالعدد الأقل لدى حلفهم تمام الخمسين، فجواز ذلك إما يفترض على سبيل التخيير بأن يكون المدعي مخيرا بين إحضار خمسين رجلا يحلفون وإحضار ما هو أقل من ذلك مع تكميل عدد الحلف أو يحلف هو خمسين مرة، وإما أن يفترض على سبيل الترتيب والطولية، أي لو عجز عن تحصيل العدد المطلوب قسم الحلف خمسين مرة على ما هو أقل من ذلك ولو انحصر الأمر به حلف خمسين مرة. أما التخيير فهو خلاف ظاهر الروايات المتقدمة الآمرة بحلف خمسين رجلا. وأما الترتب فهو بعيد غاية البعد، إذ يلزم من ذلك أن مدعي القتل لو لم يملك خمسين رجلا يحلفون له فحلف هو خمسين مرة نفذ حلفه، ولو ملك خمسين رجلا يحلفون له ولكن تكاسل عن إحضارهم واستعد هو للحلف خمسين مرة لم يقبل منه ذلك ولم ينفذ حلفه، بينما احتمال صدقه في الثاني أقوى منه في الأول.
ويمكن الجواب على ذلك: بأنه من المعقول أن يكون السبب في إلزامه بإحضار الخمسين بالدرجة الأولى كون هذا أكثر إثباتا للجرم على المجرم وأكبر إقناعا لأولياء المجرم وأخمد للفتنة، فإن لم يحصل ذلك جاء التنزل إلى ما هو أقل ولو بأن يحلف المدعي وحده خمسين مرة.
نعم يبقى الكلام في أن غاية ما ثبت حتى الآن هي أن هذه الروايات لم تدل على عدم كفاية العدد الأقل من الرجال مع التحفظ على عدد الخمسين يمينا، ولكن لم يثبت بها شئ إلا القسامة بمعنى خمسين رجلا يحلفون، وكفاية ما عدا ذلك بحاجة إلى دليل، ولم يصرح بها في شئ من الروايات، فكيف يمكن إثبات ذلك بالروايات؟
وقد يستدل على ذلك - أي تكثير عدد الحلف على العدد الأقل إلى أن يتم الخمسون يمينا - إضافة إلى الإجماع المدعى بعدة وجوه: