مسألة: الخطبتان شرط في انعقاد الجمعة وهو قول علمائنا أجمع، وقال الحسن البصري: يجوز بغير خطبة، وقال أبو حنيفة: تجزي الخطبة الواحدة لما روي (أن النبي صلى الله عليه وآله كتب إلى مصعب بن عمير أن اجمع من قبلك وذكرهم بالله وازدلف إليه بركعتين) وما روي (أن عثمان خطب في أول جمعة ولي فقال: الحمد لله ثم ارتج عليه فقال: إنكم إلى إمام فقال: أحوج منكم إلى إمام قوال: وإن الإمام أبا بكر وعمر كانا يريان وإن لهذا المقام مقالا وستأتيكم الخطب من بعد وأستغفر الله العظيم لي ولكم وترك وصلى) وقال الشافعي: لا بد من خطبتين كما قلناه وعليه أكثر أهل العلم.
لنا أن النبي صلى الله عليه وآله خطب خطبتين (1) امتثالا للأمر المطلق فيكون بيانا " وبيان الواجب واجب، ولأن الخلفاء بعده على قاعدة واحدة في المواظبة على فعلهما فيكون إجماعا ".
ومن طريق الأصحاب ما رواه البزنطي في جامعه، عن داود بن الحصين، عن أبي العباس، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لا جمعة إلا بخطبة وإنما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين) (2) وأما قول البصري فمطرح بالإجماع، وبفعل النبي صلى الله عليه وآله والصحابة، وبما رواه محمد بن مسلم، عن أحدهما عليها السلام قال: (يصلون أربعا " إذا لم يكن من يخطب) (3).
وحجة أبي حنيفة ضعيفة لأن فعل عثمان ليس بحجة في مقابلة فعل النبي صلى الله عليه وآله والصحابة ولأنه يمكن أن يكون ذلك لتعذر الخطبة ولا يلزم من الرخصة مع التعذر حصولها مع زواله.