والثاني: الكراهية، قال في المبسوط لنا على المنع ما سبق في الجلود، فإن احتج بما رواه محمد بن عبد الجبار (كتبت إلى أبي محمد أسأله هل أصلي في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير أو تكة من وبر الأرانب؟ فكتب لا تحل الصلاة في الحرير المحض وإن كان الوبر ذكيا " حلت الصلاة فيه) (1).
والجواب: ترجيح ما ذكرناه من المنع، فإنها تتضمن القول، والقول أرجح من الكتابة، ولو سلمنا التساوي لكان ما دلت عليه هذه مخالفا " لما دلت عليه أخبارنا، إذ هي دالة على قلنسوة عليها وبر، وأخبارنا تضمنت المنع مما يعمل من وبر الأرانب، وبين القولين فرق.
ثم تعارض ذلك زيادة عما ذكرناه بما رواه علي بن مهزيار قال: (كتب إليه إبراهيم بن عقبة عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرانب فهل يجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقية؟ فكتب لا تجوز الصلاة فيها) (2) ثم اعلم بعد ذلك أن العمل بما ذكرناه أحوط، وإن كان القول بالكراهية محتملا.
مسألة: والصوف، والشعر مما يؤكل لحمه يجوز الصلاة فيه، وإن أخذ من ميتة جزا "، وهو إجماع علمائنا، وقول أبي حنيفة، وأحمد، خلافا " للشافعي.
لنا أنه طاهر قبل موت الحيوان فيكون طاهرا " بعده لعدم صدق الموت عليه، ولأن طهارته غير موقوفة على الذكاة، فلا يكون الموت منجسا " له كما لو جز من الحي، ويؤيد ذلك ما رواه الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة أن الصوف ليس فيه روح) (3).
فإن احتج الشافعي بأنه متصل بذي روح ينمي بنمائه فيكون حيا " ينجس بالموت،