وقال أبو حنيفة: يعمل في الغيم بشاهد واحد عدل، ولو كان امرأة، أو عبد لأنه خبر من أخبار الذين يشترط فيه العدالة، كإخبار النبي صلى الله عليه وآله، ومع الصحو لا يقبل إلا جمع عظيم يحصل بخبرهم العلم، لأن انفراد الواحد مع توفر الدواعي، وسلامة الحواس، وزوال الموانع بعيد، فانفراده مظنة التهمة، وكذا ما زاد على الواحد ما لم يحصل اليقين.
ولنا: ما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين فإن شهد ذوا عدل فصوموا ".
ومن طريق الأصحاب: ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال علي عليه السلام " لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين " (1) وعنه عليه السلام، قال:
" إن عليا عليه السلام كان يقول لا أجيز في شهادة الهلال إلا شهادة رجلين " (2) ومنصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: " صم لرؤية الهلال وافطر لرؤيته فإن شهد عندك شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه " (3) وروى شعيب بن يعقوب عنه عليه السلام عن أبيه، أن عليا عليه السلام، قال: " لا أجيز في الطلاق ولا في الهلال إلا رجلين " (4).
والجواب عن خبر الأعرابي، وخبر ابن عمر: أنه لا يلزم من عمله عند خبرهما انفرادهما بالرؤية، لأنه حكاية حال، فلعله عليه السلام عرف ذلك من غيرهما.
ولو قيل: الأصل عدم ذلك، قلنا: الأصل لا يفيد اليقين، والعمل بشهادة الواحد مناف لما هو معلوم من شرعه عليه السلام، فيكون الاحتمال المذكور أرجح من التمسك بالأصل، ولو قال: هو إخبار لا شهادة، منعنا ذلك، ومع ورود الصريح