الثاني: إن الله سبحانه جعل للإمام قسطا وللباقين قسطا فلو أخذ الفاضل وأتم الناقص لم يبق للتقدير فائدة.
الثالث: إن الذين يجب الإنفاق عليهم محصورون وليس هؤلاء من الجملة، فلو أوجبنا عليه إتمام ما يحتاجون إليه لزدنا فيمن يجب عليهم الإنفاق فريقا لم يقم عليه دلالة.
وربما طعنوا في الأولى من الروايتين بجهالة الراوي، وفي الثانية بإرسالها والذي ينبغي العمل به اتباع ما نقله الأصحاب وأفتى به الفضلاء، ولم يعلم من باقي العلماء ردا لما ذكر، من كون الإمام يأخذ لما فضل ويتم ما أعوز وإذا سلم النقل عن المعارض، ومن المنكر لم يقدح إرسال الرواية الموافقة لفتواهم، فإنا نعلم مذهب أبي حنيفة والشافعي وإن كان الناقل عنهم واحدا، وربما لم يعلم الناقل عنه بلا فصل وإن علمنا نقل المتأخرين له.
وليس كلما أسند عن مجهول لا يعلم نسبته إلى صاحب المقالة. ولو قال إنسان لا أعلم مذهب أبي هاشم في الكلام ولا مذهب الشافعي في الفقه لأنه لم ينقل مسندا كان متجاهلا، وكذا مذهب أهل البيت ينسب إليهم بحكاية بعض شيعتهم سواء أرسل أو أسند إذا لم ينقل عنهم ما يعارضه ولا رده الفضلاء منهم.
ثم نعود إلى جواب المانعين قوله عليه السلام: حق الأصناف الثالثة مختص بهم فلا يتسلط على مستحقهم، قلنا: لا نسلم استحقاقهم له كيف كان، بل استحقاقهم له لسد خلتهم على وجه الكفاية، ولهذا يمنع الغني منهم.
وقولهم في الوجه الثاني: لو أخذ الفاضل وأتم الناقص لم يكن للتقدير فائدة قلنا: لا نسلم أن تعدد الأصناف لبيان مقادير الاستحقاق بل كما يحتمل ذلك يحتمل أن يكون لبيان المستحقين كما في آية الزكاة، ولهذا لا تجب قسمته عليهم بالسوية بل يجوز أن يعطى صنفا " أكثر من صنف نظرا " إلى سد الخلة وتحصيلا للكفاية.