وهذا متفق عليه بين الأصحاب، لأن النافلة لا تجب بالشروع فيقتصر على ما أراد.
الثالث: من (تكلم) في الصلاة عامدا " أعاد سهوه، وقال الشافعي: إن كان واجبا " كإجابة النبي صلى الله عليه وآله لم تبطل الصلاة، لخبر أبي هريرة قال: (خرج النبي صلى الله عليه وآله وأبي في الصلاة فقال: السلام عليك يا أبي فلم يجبه فلما فرغ قال: وعليك السلام يا رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: ما منعك أن تجيبني لما دعوتك؟ قال: كنت في الصلاة، فقال: لم تجد فيما أوحى الله إلي استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم؟ فقال: لا أعود) (1) وقال مالك: يجوز منه ما يتعلق بمصلحة الصلاة، لأن ذا اليدين تكلم ولم يأمره النبي صلى الله عليه وآله بالإعادة.
ولنا: أن الكلام عمدا " خروج من قيد الصلاة، فيكون مبطلا، ولأن الصلاة عبادة شرعية متلقاة من صاحب الشرع، فيجب فعلها على وجهها المشروع، ولأن النبي صلى الله عليه وآله قال: (التسبيح للرجل والتصفيق للمرأة) (2) فلو كان الكلام مشروعا " لما حصر ذلك في القسمين.
وحجة الشافعي ضعيفة، لأنه استناد إلى خبر واحد في تكليف عام، فلا يعمل به، مع أنه يجوز أن يكون الإنكار لمكان الإخلال برد السلام، وعندنا يجوز في الصلاة، ثم يحتمل أن يكون ذلك مخصوصا " بالنبي صلى الله عليه وآله، فلا يجوز في غيره من الصور، وحجة مالك ضعيفة، لأن كلام ذا اليدين في حكم السهو عنه إذا لم يتحقق حال الصلاة، وإن كان ناسيا " لم يعد وسجد للسهو، وبه قال الشافعي ما لم يتطاول الكلام، وقال أبو حنيفة: ويعيد لقوله عليه السلام (ليس فيها شئ من كلام الناس) (3) ولأن ما أوجب الإعادة عمدا " يوجبها نسيانا "، كالحدث.